عبر الإعلامي عمرو أديب، عن استيائه من تصرفات بعض المتابعين للطرق الصوفية، قائلاً: "من المحزن أن نرى أشخاصًا متعلمين ومثقفين ينساقون وراء أفكار وممارسات غير منطقية، كالتبرك بملعقة شيخ، أو الاعتقاد بقدرات خارقة لمن يعتبرونهم أولياء".
وأكد عمرو أديب، خلال برنامجه "الحكاية" المذاع عبر قناة "إم بي سي مصر"، أن هذه الظواهر ليست جديدة، بل هي امتداد لتقاليد موروثة منذ العصور الفاطمية، مستدركا أن الشيخ التيجاني يدّعي أنه يُشبع الجائعين بمجرد النظر إلى وجهه، وهو ما علق عليه بسخرية قائلاً: "كان من الممكن أن نعرضه على شاشة التلفاز ليلاً حتى لا يبقى أحد جائعاً في البلد!".
ودعا أديب إلى ضرورة التصدي لمثل هذه الممارسات التي وصفها بأنها "خرافات"، مؤكدًا أن الأموال التي تُصرف على هذه الجلسات والطقوس كان يمكن استخدامها بشكل أفضل في بناء مدارس أو علاج المرضى في المستشفيات.
بدوره علق الشيخ محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر بطنطا، على تصريحات الإعلامي عمرو أديب، منوها أن هذا الكلام صحيح، وعاينته بنفسي، وأسميه (التصوف الأروستقراطي)، الذي لا يتَّبع الشيخَ فيه إلا الكبارُ والوجهاءُ من الطبقة الأروستقراطية في المجتمع، ومظاهر الدنيا حاضرة فيه بقوة، ويقوم غالبا على الروحانيات الشيطانية التي يميل إليها الكبار والوجهاء، والتي يهيمن فيها الشيخ على المريد هيمنة تامة، والشيخ في هذا النوع من التصوف أقرب ما يكون إلى أهل الدنيا في العيش المرفَّه، والمظهر البرَّاق، والثراء الفاحش، لكن في زي شيخ.
وأضاف العشماوي، في منشور له، أن سبب ميل الكبار والوجهاء إلى هذا النوع من التصوف؛ ثلاثة أمور:
الأول: أنه لا يوجد فيه أي تكاليف شرعية، سوى أشياء يسيرة، كذكر معين يقوله، وغالبا ما يكون هذا الذكر لأمر دنيوي، كدفع ضر، وجلب نفع، من نحو ترقية وظيفية، أو تولي منصب كبير، أو تزويج فتاة تأخر زواجها، أو التغلب على كيد عدو.
الثاني: أن أجواء هذا النوع من التصوف دنيوية خالصة، وهي تناسب الأجواء التي يعيشها الكبراء والوجهاء، مع لمسة دينية خفيفة، فهي تعتمد على المراسم الشكلية، مثل الحفلات والولائم المبالَغ فيها، والتي تُقام - في بعض المناسبات الدينية - أحيانا في بعض الفنادق الكبرى، ويحضرها المشاهير في كل فن.
الثالث: أن هذا النوع من التصوف قائم على المحبة والعشق والهوى والجمال والنور، وهي مفردات يكثر تردادها بين أتباع هذا النوع من التصوف الأروستقراطي، اتباعا لشيخهم، وهي مفردات فلسفية لا معاني تحتها، غير أن القصد منها استمالة النفوس بالمعاني التي تعشقها، والبعد عن المعاني التي لا تحبها، كالتكليف، والتخويف.
وبعرض هذا النوع من التصوف على تاريخ التصوف النظيف، وقواعد الشرع الشريف؛ نجد أنه لا يمثل التصوف في قليل ولا كثير، وأنه أبعد ما يكون عن التصوف، ومُجافٍ لحقيقته تمام المجافاة، وأنه لا ينتج إلا نفوسا ضعيفة، طَرِيَّة، شهوانية، تميل مع الهوى حيث مال، وتتحلل من قيود الشريعة، وتتحايل عليها، وهو مرتع وخيم من مراتع إبليس، يقود الراتعين فيه إلى خزي الدنيا، وعذاب الآخرة.