قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إبراهيم شعبان يكتب: تفجيرات البيجر والحرب على لبنان

جاءت تفجيرات آلاف من أجهزة البيجر واللاسلكي في أيدي عناصر حزب الله في جنوب لبنان، ما أدى لمقتل 32 عنصرًا وإصابة قرابة 4 آلاف عنصر يعالجون في لبنان وآخرون نقلوا للعلاج في سوريا وإيران، لتدخل بالحرب على لبنان والمواجهة بين حزب الله وإسرائيل إلى مرحلة جديدة أشد عنفًا ودموية.

والحاصل، أن تفجيرات البيجر التي استهدفت بعد تفخيخها آلاف العناصر لحزب الله عملية نوعية غير مسبوقة، وفق وصف حسن نصر الله زعيم حزب الله، وضربة كبيرة مؤثرة نفذتها إسرائيل، ليس فقط، لأن أغلب الإصابات بهذه التفجيرات والتي جاءت عن بعد ومتزامنة في وقت واحد، أحدثت إصابات قاتلة في الوجه ودفعت لاقتلاع عيون العشرات من عناصر حزب الله وعاهات مستديمة، ولكن لأنه سبق هذه العملية وقبل 5 أشهر من استيراد هذه الأجهزة وتوزيعها على عناصر حزب الله وفق رويترز، الاستماع والتنصت عليها من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي، ما يؤكد ليس فقط انهيار منظومة الاتصالات لدى الحزب واختراقها تمامًا، ولكن انكشاف جزء كبير من خططه وأماكن عملياته وأسماء قياداته وعناصرهم وأماكن سكنهم وتحركاتهم أمام الموساد الإسرائيلي، وقبل أخذ القرار بالتفجير على مدى يومين في البيجر وأجهزة لاسلكية أخرى.

وإذا كانت إصابات الآلاف من عناصر الحزب تقع على عاتق الحزب ورئيسه حسن نصر الله، فإن هناك أسئلة وعلامات استفهام عديدة، عما يمكن أن يلحق بلبنان جراء هذه الحرب، التي اندلعت بالفعل وقام خلالها الجيش الإسرائيلي بقصف مئات الأهداف والمنصات والمواقع التابعة لحزب الله خلال الساعات الماضية، وتداعيات ذلك على الدولة اللبنانية.

الحقيقة أن المشهد اللبناني مرعب، في ظل صمت كبير عما يحدث، فلبنان دخل الحرب دون ناقة ولا جمل وليس للبنان الدولة، أهداف استراتيجية معلنة ترغب في تحقيقها من وراء مواجهة إسرائيل في هذه اللحظة.

إن لبنان وفي ظروفه المأساوية منذ إعلان إفلاس الدولة في عام 2022 قبل نحو عامين، يعاني ظروفًا معيشية واقتصادية محبطة ومتردية، كما أن أزمة عدم القدرة على اختيار رئيس لبنان وفشل مجلس النواب اللبناني في اختيار رئيس للبنان لنحو 12 مرة متواصلة، يزيد من أزمة التفكك السياسي في لبنان بين مؤسساته، منذ مغادرة ميشال عون منصبه.

كما أن الحرب التي اندلعت على الجنوب اللبناني بين إسرائيل وحزب الله، ومع وجود تقارير تحذر من اجتياح بري للأراضي اللبنانية لعمل حزام أمني في شمال إسرائيل، على غرار ما قام به جيش الاحتلال في غزة، يؤكد أن القادم أسوأ في لبنان، بعدما تحولت القضية لحرب ثنائية شرسة بين حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة أخرى ولبنان الضحية بينهما.

وإذا كانت هناك الآن مخاوف متصاعدة من أن تؤدي الحرب على لبنان إلى حرب إقليمية أوسع، حال دخول أطراف أخرى للدفاع عن حزب الله، كما هو الحال مع غزة، في إطلاق صواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل ومسيّرات من العراق باتجاه إسرائيل، فإنه لو حدث ذلك فإن لبنان سيدفع الثمن الأفدح في هذه الحرب، وقد تؤدي لا قدر الله لتداعيات داخله تعيد شبح الحرب الأهلية في بيروت.

والمطلوب في رأيي، وخلال هذه الساعات الحرجة في عمر لبنان والمنطقة، العمل على نزع فتيل التصعيد والانزلاق لاجتياح بري إسرائيلي، لأنه لو حدث فلن ينتهي الحال هناك وكما حدث في غزة قبل عام من الآن على الأقل، بهجمات ومعارك متبادلة بين الجانبين.

كما أني أعتقد أن خروج مقترح إسرائيلي فيما سمى بصفقة الممر الآمن وخروج يحيى السنوار وقادة حماس من غزة، مقابل تبادل كل المحتجزين وآلاف الأسرى الفلسطينيين ووقف إطلاق النار، قد يكون "الدواء المر" في هذه الظروف، لمنع الانزلاق للجحيم في لبنان ولظروف أشد مأساوية وقسوة مع قرب دخول فصل الشتاء، في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، لأن التوصل لوقف إطلاق النار في غزة سيتبعه تهدئة تامة في جبهة لبنان.

الخلاصة.. فالحرب لا يجب أبدًا أن تكون حتمية على لبنان وفق تصريحات أخيرة للرئيس الفرنسي ماكرون، ولا يجب أن تكون هكذا في الضفة الغربية وفي غزة إلى ما لانهاية، ولذلك فإن هناك حاجة ملحة لجهود دبلوماسية عربية وأممية، لتعطيل قطار الحرب في لبنان قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة في المنطقة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط
-