الثلث الأخير من الليل من أعظم وأقرب الأوقات التي يستجيب فيها الله- سبحانه وتعالى- لدعاء عباده، ويُعدّ هذا الوقت من الأوقات المباركة التي يحرص المسلم على استغلالها في التقرب إلى الله والدعاء بكل ما في قلبه من حاجات ورغبات.
فضل الثلث الأخير من الليل
الثلث الأخير من الليل هو الوقت الذي ينزل فيه الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله، كما ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟" (صحيح البخاري ومسلم). هذا النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل هو فرصة عظيمة لرفع الدعاء والمناجاة، حيث يكون الله في هذا الوقت أقرب إلى عباده، يستجيب لمن دعاه ويغفر لمن استغفر.
الدعاء المستجاب في الثلث الأخير من الليل
يمكن أن يكون الدعاء بأي صيغة، ولكن هناك بعض الأدعية المأثورة عن النبي ﷺ التي يستحب الدعاء بها في هذا الوقت منها:
• "اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة".
• "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
• "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
• "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى".
دعاء قضاء الحاجة المستجاب في الثلث الأخير من الليل
- اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لك الحمدُ، لا إله إلَّا أنتَ وحدَك لا شريكَ لك، المنّانُ، يا بديعَ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حيُّ يا قيومُ، إني أسالكَ الجنة، وأعوذُ بك من النارِ.
- اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ أنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شيءٌ وأنتَ الباطنُ فليس دونَكَ شيءٌ مُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ فالقَ الحَبِّ والنَّوى أعوذُ بكَ مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَكَ شيءٌ وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شيءٌ اقضِ عنَّا الدَّينَ وأَغْنِنا مِن الفقرِ.
- يا الله، يا الله، يا الله، أسألك بحقّ مَن حقّه عليك عظيم أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن ترزقني العمل بما علّمتني مِن معرفة حقك وأن تبسط علي ما حظرت من رزقك.
- اللّهم صن وجهي باليسار ولا تبذل جاهي بالإقتار فأسترزق رزقك من غيرك، وأستعطف شرار خلقك، وأبُتلَى بحمد مَن أعطاني، وأُفتن بذمّ من منعني، وأنت مِن وراء ذلك كله ولىُّ الإجابة والمنع.
- اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كل شيء قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل، وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حساب، رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك.
- اللَّهمَّ إنِّي أسألُك بمعاقدِ العزِّ من عرشِك ومنتهَى الرَّحمةِ من كتابِك، واسمِك الأعظمِ، وجَدِّك الأعلَى، وكلماتِك التَّامَّةِ، ثمَّ سلْ حاجتَك، ثمَّ ارفعْ رأسَك، ثمَّ سلِّم يمينًا وشمالًا، ولا تُعلِّموها السُّفهاءَ فإنَّهم يدعون بها فيستجابُ).
دعاء النبي لقضاء الحاجة
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن جاءه أعمى فقال له: "يا رسول الله ادع الله أن يرد إلى بصرى، فقال له النبي اصبر، فرد عليه الأعمى: ليس لدى أحد يقودنى، فقال له النبى توضأ وصل ركعتين، ثم قل "اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك لربك فتقضى حاجتي، ثم اذكر حاجتك"، قال الراوى: "فما أسرع ما عاد الأعمى وقد رد الله عليه بصره"، فهذا الدعاء اعتمده الأئمة والعلماء ولم يطعن فيه إلا بعض النابتة الذين أتوا فى هذا العصر ولا عبرة بكلامهم بل العبرة بهذا الحديث الشريف وما اعتمدته الأمة، ونبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرورة أداء صلاة الحاجة إذا كان للعبد حاجة عند الله عز وجل أو عند الناس بصفة عامة، لافتا إلى أن الحاجة هي العوز أو طلب قضاء شيء معين.
شروط استجابة الدعاء في الثلث الأخير من الليل
لكي يكون الدعاء مستجابًا، يُفضل الأخذ ببعض الأسباب التي ذكرها العلماء من السنة النبوية والقرآن الكريم، ومنها:
• أن يكون الدعاء صادرًا من قلب خاشع متواضع يشعر بعظمة الله، وأن تكون النية في الدعاء خالصة لله تعالى.
• التوكل على الله واليقين بأنه القادر على تحقيق المطلوب مهما كان الأمر صعبًا أو مستحيلًا.
• الإكثار من الاستغفار والتوبة عن الذنوب قبل الدعاء، لأن المعاصي قد تكون سببًا في منع استجابة الدعاء.
• الدعاء يكون بإلحاح وتضرع، وتكرار الطلب من الله دون يأس أو فتور.
• يجب على المسلم أن يكون لديه حسن ظن بالله، ويؤمن بأن الله سيستجيب له في الوقت المناسب.
• بخلاف الثلث الأخير من الليل، هناك أوقات أخرى يستجاب فيها الدعاء مثل وقت السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي يوم الجمعة.