موقف «دونالد ترامب» تجاه صناعة السيارات الكهربائية كان مثار جدل واسع خلال فترة ولايته وما بعدها.
فرغم انتقاده المتكرر للسيارات الكهربائية، كان يملك سيارة Tesla Model S، وقد أبدى الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، «إيلون ماسك»، دعمه لترامب خلال حملته الانتخابية لعام 2024.
هذه العلاقة الغريبة بين الطرفين تعكس التناقضات في سياسات ترامب تجاه الصناعة.
التوترات بين ترامب والسيارات الكهربائية
أحد أكبر الانتقادات التي وجهها ترامب للسيارات الكهربائية هو تكلفتها العالية ومدى اعتمادها المحدود.
خلال ولايته الأولى، ألغى ترامب تمديد الإعفاءات الضريبية لشركات مثل تسلا وجنرال موتورز، مما أعاق نمو هذه الصناعة في الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، أوقف تطبيق الغرامات على شركات السيارات التي لم تلتزم بمعايير اقتصاد الوقود، مما أدى إلى تأثير سلبي على السيارات الكهربائية في السوق.
ومع ذلك، تستمر التصريحات المتضاربة؛ ففي حين أنه يعارض السيارات الكهربائية على العلن، يدعو ترامب إلى تعاون محتمل مع ماسك، حيث وصفه في أغسطس بأنه "رجل لامع" وأشار إلى إمكانية تعيينه في منصب استشاري في حكومته المستقبلية.
الرسوم الجمركية والسياسات التجارية
يرى ترامب أن سياساته تجاه **الصين** والمكسيك ستدعم الاقتصاد الأمريكي، حيث تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السيارات الصينية المصنعة في المكسيك، بغض النظر عن نوعها.
ويرى أن هذه التعريفات ستشجع الشركات على تصنيع السيارات في الولايات المتحدة بدلاً من الاعتماد على العمالة الرخيصة في المكسيك.
إلا أن إدارة جو بايدن قد سبقت في تطبيق تعريفات مماثلة على السيارات الكهربائية والبطاريات الصينية.
أحد المجالات التي يدور حولها النقاش هو عدد الوظائف في قطاع السيارات، حيث فقدت الولايات المتحدة حوالي 75 ألف وظيفة في قطاع التصنيع خلال فترة ترامب. ومع ذلك، شهد قطاع تصنيع السيارات بعض النمو، بزيادة طفيفة في عدد الوظائف من 993,500 في عام 2019 إلى 1,040,500 في عام 2023.
لكن مقارنةً بفترة بايدن، التي شهدت استثمارات ضخمة في قطاع السيارات الكهربائية، تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تفوقت على الصين في استثمارات السيارات الكهربائية منذ عام 2021.
وفقًا لتقرير صادر عن صندوق الدفاع البيئي، تم استثمار حوالي 199 مليار دولار في تصنيع المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة، مما ساهم في خلق مئات الآلاف من الوظائف في الصناعة.
إذا فاز ترامب بولاية ثانية، قد يشهد قطاع السيارات الكهربائية عودة إلى السياسات الحمائية التي تركز على حماية الوظائف في الولايات المتحدة، ولكنها قد تعيق النمو السريع لصناعة السيارات الكهربائية.
بالمقابل، فإن استمرار التعاون بين ترامب وماسك قد يكون بمثابة نقطة ضوء نادرة في سياساته تجاه هذه الصناعة، مع إمكانية تعزيز التكنولوجيا الأمريكية في هذا المجال.
في النهاية، موقف ترامب من السيارات الكهربائية مليء بالتناقضات.
ففي الوقت الذي ينتقد فيه هذه الصناعة ويعارض سياسات الطاقة النظيفة، فإنه لا يزال يحتفظ بعلاقة قوية مع أحد أبرز وجوه هذه الصناعة، إيلون ماسك.
إذا عاد ترامب إلى الرئاسة، ستواجه صناعة السيارات الكهربائية تحديات كبيرة، مع استمرار التركيز على حماية المصالح الأمريكية وتعزيز الصناعة التقليدية.