شهد لبنان مؤخراً سلسلة من الانفجارات المتزامنة لأجهزة اتصالات لاسلكية في مناطق مختلفة، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص. هذه الحوادث أثارت العديد من التساؤلات، خاصة مع اتهام حزب الله لإسرائيل بالمسؤولية عن هذه الهجمات. وفي هذا السياق، أدلى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بتصريحات مهمة خلال زيارته للمنطقة.
تفجيرات البيجر في لبنان
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية والهجرة، الدكتور بدر عبدالعاطي، أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبق بالانفجارات التي وقعت في لبنان. وأشار إلى أن السلطات الأمريكية تقوم حالياً بجمع المعلومات حول الحادث.
وأوضح بلينكن أن زيارته الحالية للمنطقة تهدف إلى التركيز على الحوار الاستراتيجي والعمل على تحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وذلك في سياق التوترات المستمرة في المنطقة. وأشار إلى تحقيق تقدم كبير في الفترة الأخيرة، حيث تم التوصل إلى اتفاق يشمل 18 بندًا، إلا أن بعض النقاط العالقة تحتاج إلى حل. وأضاف أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع مصر وقطر، طرحت بعض الأفكار لحل هذه النقاط.
وأكد بلينكن أن الحل لا يرتبط فقط بمضمون الاتفاق، وإنما يعتمد بشكل أساسي على الإرادة السياسية للطرفين المعنيين، حيث يتعين عليهما إظهار هذه الإرادة لتحقيق اتفاق نهائي.
وأسفرت الانفجارات في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت عن مقتل 10 أشخاص وإصابة حوالي 2750 آخرين، معظمهم من عناصر حزب الله. وفي بيان رسمي، اتهم حزب الله إسرائيل بالمسؤولية عن هذه الهجمات، مشددًا على تحميلها المسؤولية الكاملة عن ما وصفه بـ"العدوان" الذي استهدف المدنيين وأدى إلى سقوط عدد من الشهداء.
وأضاف حزب الله في بيانه: "العدو الإسرائيلي الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ولا يحتسب". وأكد أن الأجهزة المختصة في الحزب تجري تحقيقاً شاملاً من الناحيتين الأمنية والعلمية لمعرفة أسباب هذه الانفجارات المتزامنة.
وتأتي هذه الأحداث في ظل توترات سياسية وأمنية متزايدة في المنطقة، حيث تستمر الجهود الدبلوماسية في محاولة للتوصل إلى حلول سلمية. يبقى السؤال حول تفاصيل هذه الانفجارات والجهة المسؤولة عنها محل تحقيقات مستمرة، فيما تسعى الأطراف الدولية والإقليمية للحد من التصعيد وتحقيق الاستقرار.
وفي هذ السياق، صرح الدكتور عبدالله نعمة، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني،لـ “صدى البلد”، حول الهجوم الأخير الذي استهدف لبنان وحزب الله، أكد نعمة أن هذا الاعتداء يمثل حادثًا غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث يحمل في طياته تداعيات خطيرة وتصعيدًا محتملاً في المنطقة.
أوضح الدكتور عبدالله نعمة أن إسرائيل قامت بزرع عبوة ناسفة داخل خمسة آلاف جهاز يستخدمها حزب الله. ووفقًا لإعلان إسرائيل، تم زرع هذه العبوات بعد خروج الأجهزة من الشركة المصنعة لصالح شركة أخرى اشترى حزب الله هذه الأجهزة منها.
وأشار نعمة إلى أن إسرائيل اعترفت بتنفيذ هذا التفجير، الذي أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من خمسة آلاف شخص، بما في ذلك إصابة أكثر من أربعمائة شخص بفقدان البصر. اعتبر هذا العمل جزءًا من سلسلة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق لبنان والشعب اللبناني. وأضاف أن تواطؤ المجتمع الدولي مع إسرائيل أدى إلى حالة من عدم الاستقرار الدائم في ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد نعمة أن التصعيد الأخير من قبل إسرائيل يحمل خطورة كبيرة، مع توقع تطورات أكثر خطورة في المستقبل. وأعرب عن شكوكه في التصريحات الأمريكية التي دعت إلى حل المشكلة بين لبنان وإسرائيل عبر الدبلوماسية، واصفًا هذه التصريحات بأنها مجرد "زوبعة في فنجان".
وتوقع نعمة أن الوضع قد يزداد سوءًا في الأيام المقبلة، خصوصًا أن حزب الله قد يرد على هذا الاعتداء بشكل يتناسب مع حجم الخسائر التي تكبدها. وأشار إلى أن الأمور ستظل متوترة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، حيث من المتوقع أن نشهد تصعيدًا كبيرًا بين لبنان وإسرائيل في الفترة المقبلة، دون أي بوادر للحل القريب.
وأضاف نعمة أن حسن نصرالله سيلقي كلمة غدًا تعليقًا على الأحداث الأخيرة، وسيكشف عن الاختراق الكبير الذي نفذته إسرائيل ضد حزب الله. وأوضح أن هذا الاختراق يعكس الفجوة الكبيرة في التكنولوجيا المتطورة التي تمتلكها إسرائيل مقارنة بحزب الله، مشددًا على أن ما يحدث هو أمر متوقع، وأن الأيام القادمة ستكون أصعب.