سافر العلماء إلى حواف النظام الشمسي، افتراضيًا على الأقل، لالتقاط أكثر القياسات دقة حتى الآن للتوهج الخافت الذي يخترق الكون، وهي الظاهرة المعروفة باسم الخلفية البصرية الكونية.
وتستند دراسة جديدة نُشرت في مجلة (The Astrophysical Journal) إلى ملاحظات من مركبة الفضاء "نيو هورايزونز" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، والتي مرت بسرعة كبيرة بالقرب من كوكب بلوتو في عام 2015، وهي الآن على بعد ما يقرب من 5,5 مليار ميل من الأرض.
وقال مايكل شول المؤلف المشارك والأستاذ الفخري في قسم علوم الفيزياء الفلكية والكواكب عالم الفيزياء الفلكية والكواكب بجامعة "كولورادو بولدر" الأمريكية "إن الفضاء قد يبدو أسودًا للعين البشرية، لكن العلماء يعتقدون أنه ليس مظلمًا تمامًا، فمنذ فجر الكون، تشكلت وماتت تريليونات المجرات التي تحتوي على عدد لا يحصى من النجوم، تاركة وراءها ضوءًا خافتًا لا يمكن إدراكه".
وقام شول وفريقه، بقيادة مارك بوستمان في معهد علوم تلسكوب الفضاء في مدينة بالتيمور الأمريكية، بحساب مدى سطوع هذا التوهج، وأظهرت النتائج أن الخلفية البصرية الكونية أضعف بنحو 100 مليار مرة من ضوء الشمس الذي يصل إلى سطح الأرض، وهو أضعف بكثير من أن يراه البشر بالعين المجردة.
وأوضح شول أنه بعد عقود من البحث، يعتقد علماء الفيزياء الفلكية أنهم لديهم فكرة جيدة إلى حد ما عن كيفية تطور الكون، حيث تشكلت المجرات الأولى خلال عصر يُعرف باسم الفجر الكوني بعد مئات ملايين السنين من الانفجار العظيم، ووصل ضوء النجوم من المجرات في الكون البعيد إلى ألمع نقطة له منذ حوالي 10 مليارات سنة، وكان يخفت منذ ذلك الحين.
وقد تساعد القياسات الدقيقة للخلفية البصرية الكونية العلماء في تأكيد ما إذا كانت هذه الصورة للكون منطقية، أو ما إذا كانت هناك أجسام غامضة لم يتم اكتشافها بعد ترسل الضوء إلى الفضاء.. وتكتظ المنطقة المجاورة للأرض بحبيبات صغيرة من الغبار والحطام، وينعكس ضوء الشمس على هذه الفوضى، فيمحو أي إشارات قد تأتي من الخلفية البصرية الكونية.
وحتى على حافة النظام الشمسي، كان الفريق لايزال لديه الكثير من الضوء الإضافي الذي يتعين عليه التعامل معه، فمجرة درب التبانة، على سبيل المثال، تقع داخل هالة مثل نظامنا الشمسي تجمع الغبار.. وبالمصطلحات العلمية، تعادل هذه الخلفية حوالي 11 نانو/واط لكل متر مربع لكل ستراديان، وهو رقعة من السماء يبلغ عرضها حوالي 130 ضعف قطر القمر.
وأضاف شول أن هذه القيمة تتوافق بشكل جيد مع عدد المجرات التي يعتقد العلماء أنها تشكلت منذ الانفجار العظيم.. وبعبارة أخرى، لا يبدو أن هناك أي أجسام غريبة، مثل أنواع غريبة من الجسيمات، في الفضاء تنتج الكثير من الضوء، لكن الباحثين لا يستطيعون استبعاد مثل هذا الاحتمال تمامًا.
ومن المرجح أن تكون قياسات الفريق هي أفضل تقديرات لتوهج الكون لفترة طويلة.. واختتم شول بالقول: "إذا وضعوا كاميرا في مهمة مستقبلية، وانتظرنا جميعا بضعة عقود من الزمن حتى تخرج إلى هناك، فقد نرى قياسا أكثر دقة".