في مختلف أنحاء العالم، أصبحت موجات الحر أكثر تواترًا وكثافة، وبالتالي، فإن كيفية مكافحة الآثار الضارة للحرارة بشكل فعال تشكل موضوعًا بحثيًا متزايد الأهمية.
التشجير الحضري يشكل استراتيجية واعدة للحد من التأثيرات الصحية السلبية الناجمة عن الحرارة الشديدة؛ ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما يتعين علينا تعلمه حول أفضل السبل لتعزيزه وتنفيذه، ولا يزال من غير الواضح ما هي أنواع المساحات الخضراء الأكثر أهمية ومدى قرب المساحات الخضراء من مناطق المعيشة.
دراسة نشرت في مجلة البيئة الدولية تشير إلى أن الغابات التي تقع على مسافة قريبة من المناطق السكنية، من بين أنواع النباتات المختلفة، لها أهمية خاصة في التخفيف من المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة.
وتضاف هذه النتائج إلى دراسات سابقة أجراها فريق البحث من الجامعات ومعاهد البحوث في الصين والمملكة المتحدة وإسبانيا والتي استخدمت البيانات الضخمة لقياس التأثير الإيجابي للخضرة الحضرية على الصحة.
تقول الدكتورة جينجلو سونغ، المؤلفة الأولى والمراسلة للدراسة الجديدة وأستاذة مشاركة في قسم التخطيط والتصميم الحضري بجامعة شيان جياوتونغ-ليفربول (XJTLU)، إن النتائج يمكن أن تعيد تشكيل استراتيجيات التخطيط الحضري والصحة العامة، وخاصة في المدن ذات الكثافة السكانية العالية مع توفر مساحات خضراء محدودة.
إستراتيجيات التشجير الحضري
يوضح الدكتور سونغ: “من خلال تحليل البيانات من هونج كونج، وجدنا أنه مقارنة بأنواع أخرى من النباتات مثل الأراضي العشبية، فإن الغابات القريبة لها تأثير واضح على تقليل مخاطر الوفيات المرتبطة بالحرارة، وخاصة تلك الموجودة على بعد كيلومتر واحد من المناطق السكنية.
تشير نتائجنا إلى أن استراتيجيات التشجير الحضري يجب أن تركز على زراعة الأشجار على مسافات يمكن الوصول إليها سيرًا على الأقدام من السكان المحليين، بالإضافة إلى إضافة أنواع أخرى من النباتات في منطقة محددة”.
ويقول الدكتور سونغ إن الدراسة تتحدى بعض الافتراضات التقليدية حول استراتيجيات التشجير الحضري ولديها القدرة على التأثير بشكل كبير على مخططي المدن والمصممين ومبادرات الصحة العامة.
“على سبيل المثال، يتحدى هذا المشروع فكرة أن المساحات الخضراء الصغيرة القريبة من أماكن سكن الناس هي الأكثر فعالية لتحسين الصحة، وخاصة تلك التي تقع على مسافة 300 أو 500 متر.
وتضيف: “بدلاً من ذلك، تشير أبحاثنا إلى أن استراتيجيات التشجير على نطاق أوسع، وخاصة تلك التي تشمل الأشجار، تكون أكثر فعالية على مسافة تصل إلى كيلومتر واحد من المجتمعات المحلية”.
طرق مبتكرة لقياس متوسط كمية تغطية المساحات الخضراء
تستخدم الدراسة طريقة مبتكرة لقياس متوسط كمية تغطية المساحات الخضراء ضمن البيئة القريبة من الناس، والتي يشار إليها أيضًا باسم “التعرض للمساحات الخضراء على أساس المسافة”، بدلاً من استخدام المؤشرات التقليدية التي تقيس نسبة المساحات الخضراء إلى وحدة التخطيط، فإنها تأخذ في الاعتبار عدد الأشخاص الذين يستخدمون المساحات الخضراء بالفعل ومدى بعدهم عن هذه المساحات.
ويقول الدكتور سونغ: “يوفر نهجنا تمثيلًا أكثر دقة لكيفية تفاعل سكان المناطق الحضرية مع المساحات الخضراء وكيف تؤثر هذه التفاعلات على النتائج الصحية”.
إن الدافع وراء قيام فريق البحث بالتعمق بشكل مستمر في هذا الموضوع ينبع من الحاجة إلى أدلة ملموسة تثبت الفوائد الصحية لأنواع معينة من المساحات الخضراء ومعلومات قابلة للتنفيذ لمبادرات التشجير الحضري.
“سنواصل استكشاف هذا الموضوع من خلال أبحاث موسعة عبر مناطق مناخية متنوعة وبيئات حضرية. ويمكن أن تشمل اتجاهات البحث المحتملة دراسة تأثيرات أنواع مختلفة من النباتات على نتائج صحية أخرى تتجاوز الوفيات، والبحث في الآليات التي تؤثر بها المساحات الخضراء على الصحة، وتطبيق التقنيات الناشئة لتعزيز تقييمات المساحات الخضراء في المناطق الحضرية”.