شهدت لبنان، الثلاثاء، حدثا غير مسبوق، حيث شنت إسرائيل أكبر هجوما سيبرانيا على حزب الله واخترقت أجهزة الاتصال اللاسلكية "البيجر" التي يستخدمها مقاتلو حزب الله، وفجرتها، ما أدى لاستشهاد 10 لبنانيين بينهم فتاة وإصابة نحو 2800 أخرين، وفقا لأخر إحصائية وقت كتابة ذلك التقرير.
وأعلن وزير الصحة اللبناني عن مقتل 10أشخاص على الأقل جراء انفجارات أجهزة اتصال لاسلكية في جميع أنحاء البلاد ، وإصابة 2800 آخرين، 200 منهم في حالة خطيرة.
وقال ثلاثة مسؤولين أمنيين لوكالة رويترز للأنباء إن أجهزة اللاسلكي "البيجر" التي انفجرت كانت "من أحدث الموديلات" التي اشتراها حزب الله في الأشهر الأخيرة.
وفي البداية، لم ينسب حزب الله الحادث إلى إسرائيل، لكن بعد حوالي 3.5 ساعة حمل الحزب إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي، وأكد أن هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل.
وأصيب مئات العناصر من حزب الله بجروح بعضها بليغ في الوجوه والخصر والأيادي، جراء انفجار تلك الأجهزة بشكل مباغت.
بالتزامن مع ذلك، أفادت وسائل إعلام سورية عن انفجار سيارة في العاصمة السورية دمشق، ناجم عن انفجار جهاز لاسلكي تابع لمسؤول في حزب الله.
إصابة السفير الإيراني
في غضون ذلك، أفادت وكالة مهر للأنباء الإيرانية، بأن السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني أصيب في انفجار جهاز بيجر.
كشف مصدر مسؤول في حزب الله المتمركز في جنوب لبنان، أن تفجير أجهزة الاتصال يشكل "أكبر اختراق أمني حتى الآن"، في إشارة إلى مقتل وإصابة العشرات في توقيت متزامن ومناطق مختلفة في لبنان.
لبنان تحمل إسرائيل المسؤولية
وحمل وزير الإعلام اللبناني إسرائيل المسؤولية عن الهجوم. وقال إن "الحكومة اللبنانية تدين هذا الهجوم الإسرائيلي". وأضاف: "ندعو الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولية هذا العدوان. وهذا انتهاك لسيادة لبنان".
وفي لبنان، أفادت تقارير أن رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي تحدث مع قائد الجيش جوزاف عون وقادة الآليات الأمنية بشأن الانفجارات.
وبحسب شبكة "mtv" اللبنانية، فقد تم نقل عدد من الجرحى إلى سوريا، وذكرت أن "رسالة وصلت إلى الجهاز قبل الانفجار".
وقالت مصادر أمنية لـ"الحدث" إن الأجهزة التي انفجرت هي من "أحدث طراز جلبه حزب الله خلال الأشهر الماضية". وبحسب المصادر نفسها فقد تم مؤخراً توزيعها على عناصر حزب الله.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول في حزب الله أن مئات من عناصر حزب الله كان لديهم مثل هذه الأجهزة، وأنه من المفترض أن تكون "البرامج الضارة" هي التي تسببت في تسخين الأجهزة وانفجارها.
وقال المصدر نفسه في حزب الله إن بعض عناصر التنظيم "شعروا بسخونة أجهزة الراديو"، فتخلصوا منها قبل أن تنفجر.
وقال مصدر في حزب الله،أن الحزب سينشر قريبا بيانا "بخصوص الهجوم"، وذكرت شبكة LBCI اللبنانية أن الاختراق قد يكون في بطارية الجهاز.
ويقال أنه حدث حمولة زائدة وارتفعت درجة الحرارة، مما تسبب في الانفجار. وأن الضرر الذي يلحق بصاحب الجهاز على المنطقة التي تم الاحتفاظ به فيها.
وقالت مصادر لـ«الحدث» إن نجل النائب عن حزب الله علي عمار قتل في الحادثة. وأكد مصدر مقرب من حزب الله لـ "النهار" مقتله بالفعل.
تقديم شكوى لمجلس الأمن ضد إسرائيل
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية اللبنانية، "بأشد العبارات الهجوم السيبراني الإسرائيلي، وقالت الخارجية اللبنانية في بيان أن "هذا التصعيد الاسرائيلي الخطير والمتعمد يترافق مع تهديدات إسرائيلية بتوسيع رقعة الحرب باتجاه لبنان على نطاق واسع، وتصلب المواقف الإسرائيلية الداعية إلى مزيد من سفك الدماء، والدمار، والخراب".
وأفادت بأنها "بعد التشاور مع رئاسة مجلس الوزراء اللبناني باشرت بتحضير شكوى إلى مجلس الأمن في هذا الخصوص، فور اكتمال المعطيات الخاصة بالاعتداء".
كواليس العملية الإسرائيلية
كشف موقع "أكسيوس" عن مصدر إسرائيلية وأميركية كواليس الهجوم السيبراني الذي استهدفت أجهزة اتصال يستخدمها عناصر "حزب الله" اليوم.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "إسرائيل لم تبلغ إدارة بايدن مسبقا بعمليتها بشأن تفجير أجهزة استدعاء أعضاء حزب الله، والموافقة على عملية تفجير الأجهزة تمت خلال اجتماعات أمنية هذا الأسبوع".
وبحسب "أكسيوس"، فإن "الاجتماعات الأمنية كانت بين نتنياهو وكبار أعضاء حكومته ورؤساء الأجهزة الأمنية".
ويضيف الموقع الأميركي عن مصدر مطلع أن "إسرائيل نفذت العملية لنقل قتالها ضد حزب الله إلى مرحلة جديدة، مع السعي لعدم بلوغ حرب شاملة، وسط تقديرات استخباراتية إسرائيلية أن يرد بهجوم كبير على إسرائيل".
ولفتت المعلومات التي نشرها الموقع الأميركي إلى أن "العملية الإسرائيلية في لبنان عطلت نظام القيادة والسيطرة العسكري التابع لحزب الله".
إلى ذلك، نقل "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: "ندرك أن الحدود الشمالية ستشهد تصعيداً والجيش الإسرائيلي في حالة تأهّب قصوى".
من جهتها، نقلت شبكة "أي بي سي نيوز" عن مسؤول أميركي قوله إنّ "اتصالات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وإسرائيل على خلفية الأحداث في لبنان".
حالة تأهب قصوى في إسرائيل
قالت وسائل إعلام عبرية، مساء اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل تجري الاستعدادات ورفعت حالة التأهب القصوى بشأن احتمال قيام حزب الله بشن عملية عسكرية ردا على العملية في لبنان.
وذكر مسؤولون في الحزب في رسالة أخرى أنهم يعتبرون إسرائيل مسؤولة عما يحدث في لبنان، وقالوا: "وبعد تدقيق الحقائق، نعتبر العدو الإسرائيلي المسؤول الكامل عن الهجوم على أجهزة التنبيه". ". وأضاف المسؤولون أيضا "سنرد من مكان غير متوقع"
في غضون ذلك، وبحسب ما ورد في تقرير موقع "هآرتس"، فقد تم اليوم استدعاء مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية لنقاش بمشاركة المستوى السياسي، حيث طلب منهم طرح خيارات للتعامل مع التصعيد الأمني. الوضع مع حزب الله في الشمال. بالإضافة إلى ذلك، طُلب من كبار المسؤولين إلغاء الالتزامات السابقة من أجل حضور المناقشة العاجلة التي عقدت في هذا الوقت في كيريا.
وسواء كانت مرتبطة بالاستعدادات الحالية أم لا، حددت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مؤخرًا مؤشرات على استعدادات غير عادية من قبل حزب الله في جنوب لبنان، حيث كان جزء من الهجوم الوقائي هو العملية التي جرت اليوم في لبنان والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تعطيل نظام اتصالات المنظمة لعدة أسابيع على الأقل.
هكذا تم تفجير أجهزة حزب الله اللاسلكية
في سياق ذلك، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن الطريقة التي تمكنت بها إسرائيل من تفجير أجهزة اللاسلكي لحزب الله في لبنان.
ووفقا لوسائل الإعلام فأنه خلافاً للتقديرات الأولية -التي وفقاً لها تم زرع متفجرات في أجهزة اللاسلكي- فإن البرمجيات الخبيثة المزروعة في الأجهزة هي التي تسببت في تسخين الأجهزة وانفجارها.
من جانبه،قال خبير اتصالات في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن إسرائيل اخترقت النطاق الترددي (موجة الاتصال) الذي يستخدمه عناصر الحزب، ولم تخترق كل من يحمل جهاز بيجر pager أو لاسلكي، خصوصاً أن الأجهزة المماثلة مع قوى الأمن والمستشفيات لم تتضرر.
وأوضح أن كل نطاق ترددي تكون له قوة استيعاب محددة، وعبر الدخول على التردد يمكن تحميله أضعاف تلك القوة الاستيعابية، ما يؤدي إلى تسخين بطاريات الأجهزة المتصلة به، وبالتالي تفجيرها، وهو ما حدث للأجهزة المتصلة بالتردد المستخدم من قبل عناصر الحزب.
ونقلت الصحيفة عن مصاد أن درجة حرارة بعض الأجهزة المستهدفة بلغت 120 درجة مئوية.
فيما نقلت الصحيفة عن خبير اتصالات أخر أن إسرائيل اكتشفت الموجة التي يستخدمها عناصر حزب الله وخرقتها فبعثت عددا هائلا من الرسائل أدت إلى تعطل وانفجار البطارية أو رسالة معينة أدت إلى ذلك»، موضحاً أن معظم هذه البطاريات هي بطاريات ليثيوم، أي إن انفجارها مؤذٍ جداً ويؤدي لإصابات كبيرة، أو لمقتل الشخص في حال كان على خاصرته".
وأوضح الخبير أن «أجهزة البيجر كانت تُستخدم بشكل أساسي في تسعينات القرن الماضي، وبخاصة من الأطباء والأمنيين، بحيث كان يتم مثلا إرسال رقم 911 للأطباء للقول إن هناك حالة طوارئ».