يعمل المشرع بـ قانون الإجراءات الجنائية الجديد على تقييد مسألة العقوبات المقيدة للحريات، وذلك باستبدال عقوبة الحبس بأشكال أخرى لقضاء العقوبة ومنها مسألة القيام بعمل للمنفعة العامة، والتي تتماشى مع إرساء مبادئ الحريات الواردة بالاتفقيات الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وقبلها النصوص الدستورية التي أعلت من قيم حقوق الإنسان ووضع نصوص يمكن أن تسهم في تقليل من تقييد حريات المحكوم عليهم في بعض الجرائم.
مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد عكست تلك الفلسفة، فخصص بابًا كاملًا بديلًا للحبس تحت اسم “الإلزام بعمل للمنفعة العامة"، ووضع موادًا تتيح للجهات ذات الصلة اتخاذ قرار باستبدال عقوبة الحبس بعمل للمنفعة العامة.
عقوبة بديلة للحبس بالقانون الجديد
ويتسق ذلك مع القرار الذي صدر بالأمس عن النيابة العامة بشأن بدائل عقوبة الحبس البسيط، عندما قررت النيابة تشغيل عدد ٥٤ محكوما عليهم - بدائرة نيابة استئناف القاهرة خارج مراكز الإصلاح والتأهيل بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس البسيط عليهم، وذلك تحقيقا لمصلحة المحكوم عليهم في القضايا البسيطة، وحماية لهم من اكتساب سلوكيات إجرامية إذا ما تم حبسهم مع عتاة الإجرام وأرباب السوابق، وتخفيفا عن كاهل مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز الاحتجاز.
مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يترجم تلك المعاني التي ذكرتها النيابة فيما يخص تحقيق مصلحة المحكوم عليهم بعض القضايا، فنصت المادة 465 على أنه يجوز إلزام المحكوم عليه بعمل للمنفعة العامة لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المقضي بها للدولة ضد مرتكب الجريمة، وذلك بتشغيله في عمل للمنفعة العامة باعتبار يوم واحد عن كل خمسين جنيهاً أو أقل. ولا يجوز في مواد المخالفات، أن تزيد مدة هذا العمل عن سبعة أيام للغرامة، وعن سبعة أيام للمصاريف
وما يجب رده والتعويضات.
مدة عمل المنفعة العامة
مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد لم يترك مدة عمل المنفعة العامة مفتوحة، بل وضع لها سقف زمني، حتى لا يتحول الأمر إلى “سُخرة”، فنص على أنه في مواد الجنح والجنايات، لا يجوز أن تزيد مدة هذا العمل عن ثلاثة أشهر للغرامة، وثلاثة أشهرللمصاريف وما يجب رده والتعويضات.
يكون التنفيذ باعتبار مجموع المبالغ المحكوم بها، إذا تعددت الأحكام وكانت كلها صادرة في مخالفات أو في جنح، أو في جنايات، وفي هذه الحالة لا يجوز أن تزيد مدة العمل للمنفعة العامة على ضعف الحد الأقصى في الجنح والجنايات ولا على واحد وعشرين يوماً في المخالفات. أما إذا كانت الجرائم مختلفة النوع، يراعى الحد الأقصى المقرر لكل منها. وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة العمل للمنفعة العامة على ستة أشهر للغرامات وستة أشهر للمصاريف وما يجب رده والتعويضات.
وتنص المادة 469 من قانون الإجراءات الجنائية الجديد على أنه إذا كانت الجرائم المحكوم فيها مختلفة، تستنزل المبالغ المدفوعة أو التي تحصلت بطريق التنفيذ على ممتلكات المحكوم عليه أولاً من المبالغ المحكوم بها في الجنايات ثم في الجنح ثم في المخالفات.
تنفيذ عمل المنفعة العامة
مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد وضع الضوابط الخاصة بتنفيذ القيام بعمل للمنفع العامة، فنص على أن يكون تنفيذ الإلزام بعمل للمنفعة العامة بأمر يصدر من النيابة العامة على النموذج الذي يقرره وزير العدل بعد إعلان المتهم طبقاً للمادة ٤٥٩ من هذا القانون، وبعد أن يكون قد أمضى جميع مدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها.
ولا يجوز التنفيذ بطريق الإلزام بعمل للمنفعة العامة على المحكوم عليهم الذين لم يبلغوا من العمر خمس عشرة سنة كاملة وقت ارتكاب الجريمة، وكذلك المحكوم عليهم بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ.
انتهاء الإلزام بعمل للمنفعة العامة
وينتهي الإلزام ـ بعمل للمنفعة العامة متى صار المبلغ الموازي للمدة التي قضاها المحكوم عليه في العمل للمنفعة العامة محسوباً على مقتضى ما هو مقرر في هذا الباب مساوياً للمبلغ المطلوب أصلاً، بعد استنزال ما يكون المحكوم عليه قد دفعه أو تحصل منه بالتنفيذ على ممتلكاته.
ولا تبرأ ذمة المحكوم عليه من الغرامة والمصاريف وما يجب رده والتعويضات بتنفيذ الالتزام بعمل للمنفعة العامة، إلا باعتبار خمسين جنيهاً عن كل يوم. وإذا لم يقم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر بالتعويضات لغير الدولة بعد التنبيه عليه بالدفع، يجوز لمحكمة الجنح التي يقع بدائرتها موطنه، إذا ثبت لديها أنه قادر على الدفع، وأمرته به فلم يمتثل أن تحكم بإلزامه بعمل للمنفعة العامة، ولا يجوز أن تزيد مدة هذا التشغيل على ثلاثة أشهر، ولا يخصم شيء من التعويض نظير هذا
التشغيل في هذه الحالة، وترفع الدعوى من المحكوم له بالطرق المعتادة.