قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن سيدنا رسول الله ﷺ كان طاقة حب ورحمة وحنان ورأفة ورقة تسري روحها في كل شيء حتى الجماد ، فقد كان سيدنا رسول الله ﷺ يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب فجاء رومي فقال: ألا نصنع لك شيئا، تقعد وكأنك قائم؟ فصنع له منبرا له درجتان، ويقعد على الثالثة -والمنبر الذي في المدينة الآن مكان ذلك المنبر الشريف- أن النبي ﷺ كان يخطب إلى جذع فلما صنع المنبر فتحوّل إليه حن الجذع، فأتاه رسول الله ﷺ فاحتضنه فسكن وقال: (لو لم أحتضنه لحّن إلى يوم القيامة) -حزنا على فراق سيدنا رسول الله ﷺ- ، فأمر به رسول الله ﷺ فدفن؛ يعني الجذع .
حن الجذع حنينًا سمعه من في المسجد، والنبي ﷺ وصفه ربه بأنه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } للجن والإنس والجماد والحيوان ،والنبي ﷺ هو الذي قال: (إنما إنا رحمة مهداة)، والنبي ﷺ هو الذي قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) فنزل النبي ﷺ بقدره الجليل، واحتضن هذا الجذع حتى سكن وهو يقول -والصحابة تسمع-: (أفعل إن شاء الله . أفعل إن شاء الله)، وقال: (والله لو لم أحتضنه لبقى في حنينه إلى يوم القيامة) ودفن النبي ﷺ الجذع وسأله الناس: تفعل ماذا يا رسول الله ؟ قال: (سألني أن يكون رفيقي في الجنة فقلت: أفعل إن شاء الله) أي أنه يدعو ربه - سبحانه وتعالى - ، يدعو ملك الملوك أن يصاحبه هذا الجذع في الجنة.
وكان الحسن البصري- رحمه الله- إذا حدث بحديث الجذع يقول: يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله ﷺ شوقا إلى لقائه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه).
فاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نُورِ الأَنْوَارِ ، وَسِرِّ الأَسِرَارِ ، وَتِرْيَاقِ الأَغْيَارِ ، وَمِفْتَاحِ بَابِ الْيَسَارِ. سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارِ وَآلِهِ الأَطْهَارِ وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ. عَدَد نِعَمِ الله وَأِفْضَالِهِ.