رغم تغير الزمان وتبدل ملامح العصر إلا ان إحياء المناسبات الدينية والاجتماعية عند المصريين، يظل راسخا لا يتغير رغم تعاقب الأجيال ، ومحاولات البعض طمسها بفتاوى المشروعية الدينية أو بالتجديد وفق متغيرات العصر، تكنولوجيا وثقافيا أو بفعل الظروف الاقتصادية.
ومصر من الدول التي تتمتع بتاريخ عريق ترك عند شعبها هوية مميزة، أحد أهم مخرجاتها المناسبات الاحتفالية، التي تحمل كلا منها طابع خاص وعادات تميز كل مناسبة عن أخرى.
والمناسبات الدينية لها مكانة خاصة عند المصريين فتختلط أجواء الاحتفالات بالعبادات في آن واحد ، من خلال مورثات اجتماعية وثقافية جزء منها مستمد من الجذور الحضارية وجزء آخر مستقي من ثقافة الدولة الفاطمية بعدما تم تلوينها بالطابع المصري الفريد حتي أصبحت جزء من التراث الخالص.
والمولد النبوي الشريف في مصر له خصوصية متفردة عن غيره من البلدان العربية والإسلامية ، إذ تزدان له جانباتها و يملأ شوارعها من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها سرادقات بيع حلوي المولد والعرائس، التي تتخذ أشكالا متعدة منها الحصان للأولاد والعروسة للبنات، وهو الطقس الأكثر ثباتا وتميزا في أحتفالات المصريين علي اختلاف طبقاتهم الاجتماعية.
ورغم إرتفاع أسعارها عاما بعد عام، إلا أنها عادة مقدسة لا يتوقف الإقبال على شرائها، ويصاحب شراء الحلوي والعروسة او الحصان طقوس أخرى، حيث يتم إعداد ميزانية خاصة لشراء كل ما لذ وطاب لتقديمه علي موائد العائلات المصرية يوم المولد التي يجتمع فيها شمل الأسر مثله مثل أيام شهر رمضان.
وتتعدد المظاهر الأحتفالية فتأخذ أشكالا متمايزة مابين زفة المولد ومسيرات الخيول والهودج المنتشرة في قري الريف،إلي توزيع الشربات المشهورة بها محافظة الأسكندرية ، مرورا بتوزيع الأطعمة والمشروبات علي المارة في الشوراع كما في محافظات وجه بحري ، من خلال بهجة متجولة في الوجدان الجمعي بكل ميادين المحروسة.
ومناسبة تختلط فيها الأجواء الأحتفالية بالممارسات الروحية ،إذ يتردد الكثير من المصريين في هذا اليوم علي المساجد وأضرحة الصالحين في حلقات ذكر تسمي بالحضرة ، حيث الدروس الدينية والأنشاد في حب رسول الله ، بل أن الكثيرين يقومون بعقد الزيجات تيمنا بهذة المناسبة.
وحالة متفردة مزجت بين الحضارة والطقس الديني فاحتفظت الذاكرة المصرية بهذة القوالب الأحتفالية لكن بطابع مصري أصيل و ظل العقل الجمعي للمصريين محافظا علي تلك الموروثات والشعائر ليس لمجرد أنها موروث فحسب بل لانه تفاعل معها تفاعلاً وجدانيّاً فاخلص لها إلي حد التقديس فبالرغم من أن الحدث ديني إلا أنه مغلف بالروح المصرية المتفردة الخصوصية .