يتساءل الكثيرون من المهتمين بالعقود وكتابتها ووضع الشروط فيها وخاصة أصحاب الأعمال والديون، ويتبادر إلى الذهن تساؤل حول هل يصح المطالبة بفسخ العقد وإعمال الشرط الجزائي معا؟
أكد القانون أنه لا يصح المطالبة بفسخ العقد وإعمال الشرط الجزائي معا، لأنه في حالة فسخ العقد المتضمن للشرط الجزائي يسقط معه الشرط الجزائي بالتبعية، حيث إن الشرط الجزائي التزام تابع للالتزام الأصلي، إذ هو اتفاق على جزاء الإخلال بهذا الالتزام، فإذا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد، سقط معه الشرط الجزائي فلا يعتد بالتعويض المقدر بمقتضاه، فإن استحق تعويض للدائن تولي القاضي تقديره وفقا للقواعد العامة التي تجعل عبء إثبات الضرر وتحققه ومقداره على عاتق الدائن.
وعلى جانب آخر، ورد إلى دار الإفتاء، سؤال يقول "تم الاتفاق مع أحد المقاولين على هدم منزل صدر له قرار بالإزالة، وصدر العقد محدد المدة مع شرط جزائي بدفع غرامة تأخير في حالة عدم الالتزام بالوقت، ولم يلتزم المقاول بالوقت المحدد بالعقد؛ فما حكم الشرط الجزائي في هذه الحالة؟
حكم التعامل بالشرط الجزائي
وأجابت دار الإفتاء، بأن بعض الفقهاء أجاز الشرط الجزائي وأوجب الوفاء به، ورتب عليه أثره من حيث المال المشروط.
فقد نص الحنابلة في البيع على أن من اشترى شيئا ودفع بعض ثمنه واستأجل لدفع الباقي، فاشترط عليه البائع أنه إن لم يدفع باقي الثمن عند حلول الأجل يصبح ما عجل من الثمن ملكا للبائع صح هذا الشرط وترتب عليه أثره، ويصير معجل الثمن ملكا للبائع إن لم يقم المشتري بدفع الباقي في أجله المحدد.
وقالوا: إن القاعدة عندهم في الشروط أنها جائزة في العقود من الطرفين إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا, وإلا ما ورد الشرع بتحريمه بخصوصه.
ومثل هذا الشرط لم يرد عن الشارع ما يحرمه، وما دام لم يحل حراما ولم يحرم حلالا فإنه يكون مشروعا.
وجاء في "التزامات الحطاب المالكي" (ص: 331-332، ط. دار الغرب الإسلامي-بيروت): [إن الزوجة إذا اشترطت على زوجها في عقد النكاح أنه إذا تزوج عليها يلزم بدفع مبلغ كذا من المال إليها، صح الشرط ووجب الوفاء به، وإن تزوج عليها لزمه دفع المال المشروط إليها] اه. بتصرف، وهذا صريح في اعتبار الشرط الجزائي ووجوب دفع المال المشروط لصاحب الشرط عند عدم الوفاء به.
لما كان ذلك ففي واقعة السؤال: فإن الشرط الوارد فيها ليس فيه ما ينافي الشرع، والقدر المشروط في غرامة التأخير ليس فيه جهالة يمكن أن تؤثر في عقد الاتفاق، وبالتالي يكون هذا الشرط معتبرا عند هؤلاء الفقهاء، وفي رأيهم الذي نختاره للفتوى؛ لضرورة التعامل وجريان العرف ودفع الحرج، وما دام المشروط عليه الشرط لم يلتزم بالوفاء بالمدة المحددة في العقد ولم يف به، فإنه يحل لصاحب الشرط أخذ هذا المال كغرامة للتأخير عن الوفاء بالشرط المذكور. وبهذا علم الجواب عما جاء بالسؤال.