رحبت مصر، أمس السبت، بقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، استحداث منصب المبعوث الأممي للمياه، والإعلان عن تولي وزيرة خارجية إندونيسيا، ريتنو مرصودي، هذا المنصب الأممي الرفيع ابتداءً من نوفمبر 2024.
مفاجأة صادمة تنتظر المصريين لسد النهضة
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أُشير إلى أن "مصر قد قادت مع ألمانيا تحركًا موسعًا في الإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه عام 2023، حيث نجح هذا التحرك في حشد دعم 151 دولة بهدف استحداث منصب المبعوث الأممي للمياه".
كشف الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وجيوتكنيك السواحل الطينية في الجامعة التكنولوجية بماليزيا- خلال تصريحات له، عن أزمة خطيرة تتعلق بسد السرج، الذي يُعتبر السد الركامي الأكثر خطورة بعد سد النهضة ويُكمل دوره إلى جانبه، وأكد أن هناك تسريبًا كبيرًا في جسم السد.
وأوضح الدكتور محمد حافظ أن التسريب في سد السرج ليس بسيطًا، بل هو "كبير جدًا"، ويحدث من داخل الجسم الركامي للسد، رغم وجود البلاطة الخرسانية التي يفترض أن توفر بعض الحماية. وأضاف أن أي هبوط جديد في سد السرج، الذي يُعتبر ممتلئًا حاليًا، يشير إلى مشكلة في تصلب المواد الترابية في السد وأساساته.
وفيما يخص ظهور صور حديثة للتسريب، قال الدكتور حافظ: "فعلاً كمية التسريب كبيرة جدًا، وهذا يدل على وجود تسريب آخر من داخل الجسم الركامي، على الرغم من البلاطة الخرسانية."
كما تناول حافظ مسألة هبوط السد، مشيرًا إلى أن أي هبوط جديد بسد السرج في الوقت الحالي، وهو ممتلئ، يدل على هبوط في تصلب المواد الترابية عند مقدمة السد وأساساته. وأوضح أن هذا يختلف عن الهبوط الجاف، الذي يُعرف بسم الهبوط المرن.
رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية
وفي سياق آخر، أشار الدكتور حافظ إلى وجود اختبار للتسرب في سد السرج يتم عبر خمسة مخارج من الجهة الأخرى. وأوضح أن نفق التسريب في سد النهضة، والذي يُعرف أيضًا بـ"dam drainage gallery"، يمتد على طول كامل سد السرج، أي حوالي 5000 متر، ويتقاطع مع قناة التسريب في مستوى عمودي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود دعم الدول الأعضاء، وبالأخص دول الندرة المائية، في مواجهة تحديات تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه، وأوضحت وزارة الخارجية أن قرار الأمين العام للأمم المتحدة باستحداث هذا المنصب يعد تتويجًا للجهود المصرية في تطوير العمل متعدد الأطراف لمواكبة التحديات المستحدثة.
وأكدت وزارة الخارجية أن مصر تتطلع إلى تعزيز التعاون مع المبعوثة الأممية الجديدة لتحقيق أهداف أجندة 2030 في مواجهة الندرة المائية، وذلك في ضوء الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة للإدارة الرشيدة للموارد المائية وتعزيز التعاون العابر للحدود وفقًا لقواعد القانون الدولي.
تأتي خطوة استحداث منصب المبعوث الأممي للمياه لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة وسط مخاوف مصرية تتعلق بتأثير "سد النهضة" الإثيوبي على حصة البلاد من مياه نهر النيل، حيث تعتمد مصر على النهر لتوفير نحو 97% من احتياجاتها من مياه الري والشرب، وتخشى أن يتسبب السد في التأثير على حصتها التاريخية من النهر.
المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في خطاب وجهه إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية التي تخالف قواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقًا صريحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015.
كما وجه المسؤول المصري خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عقب التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، حول المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وشدد الوزير المصري في خطابه على أن "السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثار سلبية خطيرة على دولتي المصب، مصر والسودان".
أجرت إثيوبيا ومصر والسودان عدة جولات من المفاوضات لتقليص الفجوة بينها بشأن الخلافات حول مشروع سد النهضة، وكان آخرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين 17 و19 ديسمبر 2023. ورغم تلك الجولات، لم يُتوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف، حيث أعلنت مصر بعد ذلك في بيان انتهاء مسار مفاوضات سد النهضة، في حين واصلت أديس أبابا أعمال البناء وملء السد، وتستعد للملء السنوي الخامس.
تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولاً إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، خاصة في أوقات الجفاف، لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل. بينما تقول إثيوبيا إن السد ضروري لأغراض التنمية، لاسيما من خلال توليد الكهرباء، وتؤكد أنها "لا تستهدف الإضرار بأي طرف آخر".