في الفترة الأخيرة، شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار العقارات والإيجارات، وخاصة في المناطق التي يقيم فيها السودانيون وغيرهم من الجنسيات الذين هاجروا نتيجة الصراعات في بلدانهم.
هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على اللاجئين والمهاجرين، بل أثرت بشكل كبير على المصريين أنفسهم، حيث أدى استغلال السماسرة إلى زيادة كبيرة في تكلفة الإيجارات، مما زاد من الأعباء المعيشية على الجميع.
السماسرة، الذين يعملون كوسطاء بين أصحاب العقارات والمستأجرين، وجدوا في زيادة الطلب على العقارات، خاصة في المناطق التي يتوجه إليها السودانيون وغيرهم، فرصة لتحقيق أرباح سريعة، فهم يستغلون الوضع برفع الأسعار بشكل مفرط، مستغلين حاجة اللاجئين للحصول على سكن آمن ومستقر، ومع تزايد الأعداد، أصبحت الوحدات السكنية نادرة، مما أدى إلى رفع الأسعار بشكل يتجاوز قدرة الكثيرين على التحمل.
هذا الارتفاع السريع والمفاجئ في الأسعار لم يضر فقط السودانيين واللاجئين، بل أثّر بشكل كبير على المصريين الذين يقطنون في نفس المناطق، فالعائلات المصرية، خاصة في الطبقات المتوسطة والفقيرة، وجدت نفسها أمام واقع صعب، حيث زادت الإيجارات بشكل لا يتناسب مع دخلهم الشهري.
وأدى ذلك إلى اضطرار العديد من الأسر إلى الانتقال إلى مناطق أقل جودة أو أبعد عن مراكز العمل والمدارس، مما يزيد من التكاليف اليومية للتنقل ويؤثر على نوعية حياتهم.
من ناحية أخرى، أدى استغلال السماسرة إلى زيادة التوتر الاجتماعي في بعض المناطق، البعض يرى أن تواجد السودانيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى كان له دور في رفع الأسعار، مما زاد من حدة التوترات الاجتماعية بين المصريين والسودانيين، بينما في الحقيقة، المشكلة تكمن في جشع السماسرة وضعف الرقابة على سوق العقارات، فارتفاع الأسعار لا يعود إلى تواجد السودانيين بحد ذاته، بل إلى استغلال السماسرة لهذا الوضع.
المسؤولية في هذه الأزمة تقع على عدة أطراف، وتحتاج تدخل الحكومة المصرية من خلال تشديد الرقابة على السماسرة ووضع قوانين صارمة تحد من التلاعب بالأسعار وتطبيق سعر موحد للوحدات المستأجرة، ويجب أن يتم تحديد أسعار معقولة للإيجارات تتناسب مع القدرة الشرائية للسكان، سواء كانوا مصريين أو غيرهم من الجنسيات الأخرى، لضمان عدم استغلال حاجة الناس للسكن.
بالإضافة إلى ذلك، الوعي المجتمعي ضروري للتخفيف من التوترات بين المصريين والسودانيين، يجب أن يكون هناك فهم أكبر للمشكلات التي يواجهها إخوتنا من الجنسيات الأخرى، والتي جعلتهم يتركون أوطانهم ويبحثون عن ملاذ آمن في مصر، كما يجب توعية المواطنين بأن المشكلة الحقيقية تكمن في السماسرة والوسطاء والأسعار غير المنطقية، وليس في تواجد السودانيين أنفسهم.
ويظل استغلال السماسرة لتزايد أعداد السودانيين وغيرهم في مصر مصدر قلق لكل من المصريين والمهاجرين، هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات جادة لحماية حقوق المواطنين والمقيمين، وضمان بيئة معيشية عادلة للجميع بعيدًا عن الاستغلال والجشع.