روج رواد مواقع التواصل الاجتماعي، قصة ممارسة علاقة غير مشروعة لأحد الأثرياء مع سيدة تعمل خادمة عنده في المنزل، بحجة أنها «ملك يمين»، وتساءل البعض هل يوجد ملك يمين الآن وهو من الأمور المباحة شرعاً، أم أن الشريعة الإسلامية منعت «ملك اليمين».
ملك اليمين قد انتهى إلى غير رجعة
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن ملك اليمين قد انتهى إلى غير رجعة من أول لحظة جاء فيها التشريع لأنه يريد أن يكون الإنسان حرًّا، بتجفيف منابع الرق والندب إلى إعتاق الرقاب، فبقاء ذِكر ملك اليمين تلاوة في القرآن لا يعني وجوده أو مشروعيته الآن.
وشدد المفتي السابق، في تصح له، على أنه لا يجوﺯ استرقاﻕ نساء المسلمين أو غير المسلمين في هذا العصر، وهو مما ﺃجمع ﺍلفقهاﺀ عليه؛ لأن المسلمين التزموا بالمعاهدات الدولية التي حرَّمت علينا وعلى غيرنا استرقاق الأحرار، وقد ﻭقَّعت الدوﻝُ الإسلامية على هذﻩ الاتفاقيات بالإجماع، فلا يجوﺯ لأحد خرق هذه المعاهدات، وكذلك لا يجوز اعتبار الخادمات أو الفقيرات مِلك يمين كما يتوهم أصحاب الفكر المتطرف بل هن حرائر.
هل انتهى عقد ملك اليمين في الإسلام ؟
أفاد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الشخص الذي يعامل خادمته على أنها من العبيد والجواري التي ينطبق عليها أحكام ملك اليمين التي ذكرها الله تعالى في قوله: «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)» (سورة المؤمنون) هو شخص جاهل، مؤكدَا أن العلاقة بينهما علاقة محرمة.
وأوضح «وسام» في إجابته عن سؤال: «هل انتهى عقد ملك اليمين في الإسلام؟» أن ملك اليمين قد انتهى بتوقيع الاتفاقية العالمية «التي كان المسلمون طرفًا فيها» بتحريم الاتجار بالبشر، لافتًا إلى أنه حتى لو افترضنا أن ملك اليمين لا يرزال قائمَا، فإن هذه الخادمة التي تعمل في خدمة البيوت، حرة، ولا ينطبق عليها ما ينطبق على الجواري والعبيد التي تكون من سلسال ملك اليمين «بحسب تعبيره».
وأضاف أن المرأة لا تمتلك أن تهب نفسها ملكًا يمينًا لأحد، محذرًا من الاستمرار في هذه العلاقة المحرمة؛ لأنها صورة من صور الزنا التي قال الله عنها: « وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)» (سورة الإسراء).
حكم قول ملكتي نفسي
وعلقت دار الإفتاء على سؤال: «هل يجوز أن المرأة تقول للرجل: «ملَّكتُكَ نفسي»، فيقول لها: «وأنا قبلت، وكاتبتك على سورة الإخلاص -مثلا- تكون ثمنًا لحريتك»، فتصير بهذا رقيقة له، فيستطيع أن يعاشرها حينئذ معاشرة الأزواج، وتضمن هي قدرتها على إنهاء هذه العلاقة بأن تقرأ سورة الإخلاص بنية الفراق فتصير حرةً مرةً أخرى»، قائلة: فهو عبث ولغو لا يترتب عليه شيء مما ذكر؛ لأن هذه المرأة حرة، والحرية حق لا يقبل بذله على سبيل المعاوضة أو التنازل؛ فلا يجوز لإنسان حر أن يبيع نفسه أو يُملِّكَها غيره سواء بمقابل أو بدون مقابل، كما أن الحرية يتعلق بها حقوق لله تعالى؛ من وجوب الزكاة والجمعة والحج والحدود، ولذا لم يجز استرقاق الحر برضاه؛ لما فيه من إبطال حق الله تعالى،قال منلا خسرو في «درر الحكام»: «الحرية حق الله تعالى، حتى لا يجوز استرقاق الحر برضاه»، وقد ذكر العلماء في ذلك قاعدة فقهية فقالوا: «الحر لا يدخل تحت اليد»، وكذلك فإن القاعدة الشرعية أن: «الأصل في الأبضاع التحريم»، والمراد بالأبضاع: الفروج، جمع بُضع، وهو الفرج؛ كناية عن النساء والنكاح، وهذا التحريم أمر متيقن، بينما نتيجة ذلك الاجتهاد المزعوم موهومة، والوهم لا يعارض اليقين.