أكد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على عمق العلاقات المصرية السورية، والتي وصفها بـ "علاقات تاريخية صنعها الله" تربط بين البلدين الشقيقين على مر التاريخ وفي مختلف العصور، ويجمعهما مصير مشترك في ظل تحديات جسام تواجهها المنطقة العربية في مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي "الغاشم" الذي يسعى للسيطرة على كل ثروات ومقدات الدول العربية.
وكشف وزير الخارجية السوري في حوار لـ"صدى البلد" عن تداعيات حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة والشعب الفلسطيني، وتطورات العلاقات العربية العربية، ودورها في مواجهة التحديات، والعلاقات المصرية السورية، ودور الجامعة العربية في الخروج بموقف عربي جامع حول القضية الفلسطينية، وتطورات العلاقات السورية التركية في ظل محاولات أنقرة المستمرة للتقارب مع دمشق.صوت يعلو فوق صوت غزة.. بداية كيف تقيمون تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية؟
الاحتلال الإسرائيلي يشن حرب غاشمة على الشعب الفلسطيني وهي حرب إبادة جماعية، قتل فيها حتى الآن أكثر من 41 ألف فلسطيني، عندما يقع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني يقع على الشعب العربي في كل أنحاء الوطن العربي، وعندما تعتدي إسرائيل على الشعب السوري، فهي ترتكب عدواناً ضد جميع الدول العربية، وإذا لم تكن إسرائيل تقوم حاليا باعتداءات ضد دول عربية، فهذا لا يعني استثناءها من سياسة الاعتداءات، لكنها تقوم بهذه الاعتداءات وفقا لخطة ومنهجية مدعومة من الغرب من أجل تحقيق الأهداف الغربية في هذه المنطقة، وفي مقدمتها السيطرة الغربية على ثرواتها، وثروات الشعوب العربية، وإبقاؤها تحت رحمة الدول الغربية.
ما رؤيتكم للأوضاع العربية في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة؟
الدلائل كلها تشير إلى أن الوضع العربي ليس في أفضل أحواله، ونحن في سوريا نعمل من أجل تحسين هذه الأوضاع العربية، ونسعى لحل الخلافات العربية العربية، لأن المطلوب هو تفتيت دولنا، لكن رغم كل ذلك يجب أن نتجاوز كل هذه العقبات التي وضعت أمام موقف عربي مشترك في مواجهة العقبات، وأن نعمل مجددا على حشد الجهود كلها، وأن لا نلتفت من جديد إلى أخطاء وسلبيات العمل العربي المشترك في الماضي.
ما المطلوب من الدول العربية لتجاوز هذا الوضع؟
على الدول العربية أن تبدأ مجددا في بناء موقف عربي قوي مشترك، لأن كل الدول العربية سواء في المغرب العربي أو المشرق مستهدفة، والصحوة العربية المبكرة هي الحل لكل هذه المشكلات، لأن الواقع وما يحدث في فلسطين يثبت أن هذا الكيان الإسرائيلي الذي زرع في قلب المنطقة العربية لا يهدف فقط إلى إذلال الشعب الفلسطيني، بل الوصول إلى كل مقدرات الأمة العربية والسيطرة عليها بدعم غربي.ما دلالات اجتماعات وزراء الخارجية العرب في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة؟
اجتماعات وزراء الخارجية العرب فرصة لتأكيد الوقوف العربي إلى جانب الحق الفلسطيني، والتأكيد على أن الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من العالم العربي، ودمه من الدماء العربية وتاريخه من التاريخ العربي وانتصاره هو انتصار عربي، وعندما يقاوم الشعب الفلسطيني بهذه البطولة حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، فالواجب يملي علينا أن نكون جميعا بجانب قضيتنا الفلسطينية، ونحن في سوريا منذ البداية كنا ضد ما يقال عنه صراع فلسطيني إسرائيلي، ولكننا نقول عنه أنه صراع عربي إسرائيلي؛ لأن المستهدف ليس فقط فلسطين، بل كل الأراضي والشعوب العربية.
كيف استقبلتم عودة سوريا للجامعة العربية وممارسة دورها العربي ؟
عودة سوريا للجامعة العربية هو عودة اللحٌمة العربية والتآخي العربي، ولم يكن هناك أي مبرر لأن يخرج أي بلد عربي عن إطار العمل العربي وهو جامعة الدول العربية، وكنا نأمل أن تقف كل الدول العربية لجانب سوريا، لكن للأسف وجدنا دولا عربية قدمت المليارات لدعم الجماعات الإرهابية في حربها ضد الدولة السورية، لكن يجب أن نتجاوز كل هذه العقبات التي وضعت أمام توحيد الموقف العربي المشترك.
ونحن في سوريا سعداء بأن تعود العلاقات مع معظم الدول العربية إلى ما كانت عليه، ونطمح أن تصل إلى أفضل مما كانت عليه، ونأمل أن الدول العربية التي لم تخط هذه الخطوة أن تسارع؛ لأن مصلحتها ومصلحة الموقف العربي الموحد إقليميا وأمام الرأي العام العالمي أن نكون يداً واحدة في مواجهة التحديات التي نواجهها، ومن بينها تحديات المناخ والتنمية وتحديات الاحتلال المفروضة على بعض دولنا العربية؛ بسبب الضعف الذي عاناه الجسد العربي، وأن نكون مستعدين سويا لمواجهة أي تحديات القادمة.
كيف تلقت سوريا دعوة الرئيس التركي أردوغان لتشكيل محور تضامن تركي مصري سوري لمواجهة التهديدات؟
تابعنا تصريحات الرئيس التركي، ونأمل أن تتحقق، وأن تكون هذه رغبة تركية صادقة وحقيقية من قبل الإدارة التركية، خاصة وأننا سمعنا الكثير والكثير من هذه التصريحات، وليست المرة الأولى أن تقول تركيا مثل هذا، لكن أؤكد أنه إذا أرادت تركيا أن تكون هناك خطوات جديدة في التعاون السوري التركي، وأن تعود العلاقات إلى طبيعتها عليها أن تنسحب من الأراضي العربية التي احتلتها في شمال سوريا وغرب العراق، وأن تتراجع تركيا عن هذه السياسات، وأن تتخلى عنها بشكل نهائي، لأن من مصلحة الشعب السوري والتركي أن يكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، والتي يجب أن تتوحد الجهود لمواجهتها.
وفي بداية القرن الحالي نُسِجَت علاقات استراتيجية مع تركيا لكي تكون الدولة التركية إلى جانب سوريا في نضال مشترك لتحرير الأراضي العربية المحتلة، لكن عملت تركيا على نشر جيشها في شمال الأراضي السورية، وأقام معسكراته في احتلال للأراضي العربية السورية، لكن سوريا تعلن دائما أنها لن تتوقف عند الماضي، لكنها تتطلع إلى الحاضر والمستقبل، وتأمل أن تكون الإدارة التركية صادقة فيما تقوله، لكن بشرط أن تتوافر متطلبات التوصل إلى هذا النوع من التعاون، وهو الانسحاب التركي من الأراضي السورية والعراقية
إلى أين وصلت تطورات العلاقات المصرية السورية؟
هذه نقطة غاية الأهمية، ودعني أؤكد أن العلاقات السورية المصرية علاقات صنعها الله وصنعها التاريخ وصنعها كل قائد حريص على مصر وعلى سوريا حتى وصلنا عام 1958 إلى وحدة اندماجية فى إطار الجمهورية العربية المتحدة، ونلعم جيدا أن الأمن المصرى منذ أيام الهكسوس والفراعنة كان يبدأ فى شمال سوريا والأمن السورى كان يمر بمصر وينتهى فى أفريقيا، خلال المرحلة الماضية عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس بشار الأسد لقاءان، وبصفتى كنت مشاركًا فى هذه الاجتماعات أنا متفائل جدًا، خاصة في ظل أن الشعبين السوري والمصري ينظران بحنين إلى عودة العلاقات السورية المصرية إلى قوتها ويتطلعان إلى إعادة رسم خطوط عميقة من أجل العودة إلى هذا الوضع، لذا فإني أنظر بتفاؤل إلى العلاقات القائمة والقادمة بين الجمهورية السورية وجمهورية مصر العربية.قضية الأمن المائي العربي أحد أهم المطروحة.. كيف تنظرون إلى هذا الأمر في ظل تحدياته العربية المشتركة؟
الأمن المائى العربى هو موضوع حياة أو موت، لا يمكن الحياة بدون ماء وكل دولنا العربية مهددة فى هذا الجانب، سوريا والعراق حصتهما في نهري دجلة والفرات مهددة، ومصر والسوادن حصتهما في مياه نهر النيل مهددة، لكن موقفنا السوري ثابت وهو أننا لا نسمح ولا يمكن أن نقبل أن يُمارس أى ضغط من أى دولة أجنبية على أى دولة عربية للنيل من قدرتها على معالجة موضوع الأمطار والمياه وخاصة الأنهار العابرة للدول.
ونحن نقف مع مصر فى المطالبة بحقوقها، وعلى الدول العربية أن تقف بجانبنا فى المطالبة بحصول سوريا والعراق فى حصتهما العادلة من نهرى دجلة والفرات ونعمل على تطوير آليات استثمار المياه العربية وما تسمى حصاد مياه الأمطار لكى نعيش كما يعيش الآخرون ونستفيد من مظاهر التنمية.