تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتسبّبت الحرب في دمار هائل وأزمة إنسانية كارثية في القطاع الذي يناهز عدد سكانه 2.4 مليون نسمة.
انضمام تشيلي لقضية جنوب إفريقيا
ذكرت محكمة العدل الدولية أن تشيلي قدمت طلبًا بالتدخل في قضية جنوب إفريقيا المرفوعة ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة.
وفي قرار صادر يوم 26 يناير في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، شددت محكمة العدل الدولية على ضرورة أن تتخذ إسرائيل كل ما بوسعها لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة.
وكانت جنوب إفريقيا قد قدمت طلبًا رسميًا إلى محكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر 2023 تتهم فيه إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة بعد اندلاع الحرب "الفلسطينية - الإسرائيلية" 2023-2024، وسقوط آلاف من الضحايا بسبب القصف الإسرائيلي وأعمال التهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم.
وأكدت محكمة العدل الدولية، في يوليو 2024، أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية واستغلالها للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتهك القانون الدولي، مضيفة أنه يمكن للمحكمة إبداء الرأي بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
جاء ذلك خلال الجلسة العلنية لمحكمة العدل الدولية في مقرها بمدينة لاهاي، لإعلان رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
وأضافت المحكمة أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة، وأنه على إسرائيل كسلطة احتلال إدارة الأراضي لمصلحة الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها ستدرس التداعيات القضائية للوجود غير القانوني لإسرائيل في الأراضي المحتلة.
وأكدت أن المستوطنات في الضفة والقدس الشرقية تنتهك القانون الدولي، ولا يوجد ما يبرر توسيع القانون الإسرائيلي ليشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأوضحت المحكمة أن ممارسات إسرائيل كقوة احتلال تؤثر على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، مضيفة أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل أراضي ذات وحدة وتواصل وسيادة يجب احترامها، لافتة إلى أن ممارسات الاحتلال تتعارض مع منع النقل القسري للفلسطينيين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
وأكدت المحكمة في الرأي الاستشاري الذي أصدرته حول التداعيات القضائية للممارسات الإسرائيلية وانعكاسها على الأراضي المحتلة، أنه يتوجب على إسرائيل وقف الاحتلال وإنهاء وجودها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أقرب وقت.
وشددت المحكمة على وجوب عدم اعتراف الدول بالوجود غير الشرعي للمستوطنين ولدولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم تقديم أي مساعدة من شأنها أن تساعد إسرائيل في الحفاظ على الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، قد اعتمدت في الحادي عشر من نوفمبر 2022، مشروع قرار قدمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي لمدينة القدس المحتلة وطابعها ووضعها، وكيفية تأثير سياسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته على الوضع القانوني للاحتلال والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة.
ويأتي إعلان المحكمة عن رأيها الاستشاري في وقت تزداد فيه الضغوط القانونية الدولية على الاحتلال الإسرائيلي، مع استمرارها بحرب الإبادة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
ماذا بعد انضمام تشيلي؟
في هذا الصدد، قال المحامي والمحلل السياسي زيد الأيوبي، إن انضمام تشيلي والكثير من الدول لقضية ودعوة جنوب إفريقيا؛ أمر مهم للغاية، ويأتي في سياق الضغط الدولي والدبلوماسي على إسرائيلـ ويحمل في طياته "السقوط الأخلاقي لإسرائيل"، ورفض العالم لممارساتها بحق الشعب الفلسطيني والمدنيين في قطاع غزة.
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد" أن هذه الخطوة هامة على الصعيد الدولي والدبلوماسي، حيث إن تشيلي من الدول المناصرة للحق الفلسطيني، وبالتالي ستنضم كل دول أمريكا الجنوبية أيضًا لتشيلي في هذه الخطوة.
وتابع: هذه الخطوة تعني أن فلسطين حاضرة في وجدان العالم، وأن العالم أجمع يرفض ممارسات إسرائيل، ويؤيد الحق الفلسطيني ويريد أن تكون هناك دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وأكد أن الأيام القادمة ستشهد انضمام الكثير من الدول لقضية جنوب إفريقيا، مشيرًا إلى أن دعوة جنوب إفريقيا دعوة معنوية ورمزية.
ولفت إلى أن إسرائيل تستكبر على العالم أن تُحاكم، وبالتالي انضمام الدول للقضية؛ يمثل حماية وصيانة للدولة الفلسطينية، وللحق الفلسطيني على المدى الطويل.