هل الميت يشعر برد حقه المظلوم فيه؟ حياة الميتهي البرزخية والتي تكون بعد موت الإنسان إلى بعثه، وسواء قُبِر أو لم يُقبر أو احترق أو أكلته السباع، والذي يدل على هذه الحياة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت بعدما يوضع في قبره يسمع قرع نعال أهله، كما جاء في الحديث.
الظلم من الأمور الممقوتة في الدين
أجاب الشيخ أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول: "هل الميت المظلوم لو مات وحقه رجع بعد موته هيشعر به؟"، قائلاً: "الظلم من الأمور الممقوتة في الدين، وله عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، والله سبحانه وتعالى يعظم من شأن دعاء المظلوم، ويقول: 'وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين'، لذا، فإن الظلم له عواقب سيئة سواء في الدنيا أو في الآخرة".
الظلم يؤثر في حياة المظلوم
وأضاف: "إذا تعرض شخص للظلم من أقرب الناس إليه، فإن الظلم يؤثر في حياة المظلوم، وقد لا يشعر بالعدل في حياته الدنيا، ولكن يجب على من ظلموا أن يسعوا للتكفير عن ظلمهم من خلال الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى".
كيفية التوبة من الظلم
وأشار إلى طرق يمكن من خلالها تعويض المظلوم بعد وفاته، قائلاً: "يمكن لأولئك الذين ظلموا أن يسهموا في تخفيف أثر ظلمهم من خلال التصدق وإهداء ثواب الصدقة إلى روح الميت، وقراءة القرآن وتخصيص ثوابها له، هذا قد يكون سببا في تخفيف عذابه ويعوضه شيئاً عن الظلم الذي تعرض له".
وأوضح: "الشعور بالظلم هو شعور فطري وطبيعي، إذ أن كل إنسان سوي يرفض الظلم ويشعر بالأسى عند رؤية أو سماع مظلمة، هذا الشعور يبرز الطبيعة الإنسانية السليمة، ولكنه يجب أن يقترن بالفعل".
وختم قائلاً: "نناشد أولئك الذين ارتكبوا ظلمًا أن يتوبوا إلى الله ويطلبوا المغفرة، وأن يسعوا لتكفير ظلمهم من خلال الأعمال الصالحة والصدقات، عسى أن يتجاوز الله عنهم ويغفر لهم، ويدخلهم في رحمته."
هل الميت يشعر بمن يزوره
وقال الدكتور محمد شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن الميت يشعر بمن يزوره، مستشهدًا بما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".
وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.
هل الميت يشعر بمن يزوره في القبر
أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن الروح يسلكها الله في البدن في الحياة الدنيا فتوجب له حسًا وحركةً وعلمًا وإدراكًا ولذةً وألمًا، ويسمى بذلك حيًا.ـ ثم تفارقه في الوقت المقدّر أزلًا لقطع علاقتها به فتبطل هذه الآثار ويفنى هيكل البدن ويصير جمادًا ويسمى عند ذلك ميتًا ولكن الروح تبقى في «البرزخ».
وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: «هل يشعر المتوفى بالزيارة؟» أن «البرزخ»: هو ما بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة من يوم الموت إلى يوم البعث والنشور حية مُدركة تسمع وتبصر وتسبح في ملك الله حيث أراد وقدر، وتتصل بالأرواح الأخرى وتناجيها وتأنس بها سواء كانت أرواح أحياء، أم أرواح أموات، وتشعر بالنعيم، والعذاب، واللذة، والألم بحسب حالتها وترد أفنية القبور.
ونقلت ما قاله ابن القيم في كتابه «زاد المعاد»: «إن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم ويلقاهم أكثر من معرفتهم بهم في غيره من الأيام، فهو يوم تلتقي فيه الأحياء والأموات، وروي أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، وهذا هو مذهب جمهور أهل السنة وبه وردت الأحاديث والآثار».