أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، أن مصر تتحمل أعباء جسيمة لاستضافتها أعدادًا غفيرة من ضيوف مصر من الأجانب، مشيرًا إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا يوجد على أراضيها أية معسكرات للاجئين، الذين يعيشون جنبًا إلى جنب مع إخوانهم في مصر، ويتم معاملتهم معاملة المصريين رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة بدءًا من كوفيد والوضع في غزة والتوتر في منطقة البحر الأحمر التي أثرت على عائدات قناة السويس.
التعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية
وقال وزير الخارجية، في مؤتمر صحفي مشترك، مع يلفا يوهانسون، المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية والهجرة، إن مصر تتحمل الكثير والجانب الأوروبي يؤكد تقديره للدور الذي تقوم به مصر في هذا الشأن.
وأشار الوزير بدر عبدالعاطي، إلى أن مصر والاتحاد الأوروبي وقعا في مارس اتفاقًا لترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، إضافة إلى التعاون في مجالات الهجرة والاستثمار والتعاون الأمني والسياسي.
وشدد وزير الخارجية على أن مصر ركيزة الاستقرار في منطقة مضطربة، وترحب بالأشقاء الهاربين، مستطردًا أن «هناك حدًّا أقصى يمكن أن نتحمله ولا نستطيع الاستمرار ما لم يكن هناك دعم كامل من المجتمع الدولي وفي مقدمته الاتحاد الأوروبي».
وذكر عبدالعاطي، أنه تم التأكيد خلال المباحثات على أن هناك أهمية بالغة لأن يكون هناك منهج شامل في التعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية، بحيث لا يتم التركيز فقط على الأبعاد الأمنية إنما تشمل أيضًا الأبعاد الاقتصادية ودعم التنمية وفتح مسارات للهجرة النظامية والقانونية وتوفير التدريب المهني للشباب؛ حتى لا يعرّضوا حياتهم لمخاطر الهجرة غير الشرعية.
وردًّا على سؤال حول سياسة مصر في اللجوء والهجرة، أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، أن مصر تواجه أزمات غير مسبوقة في محيطها الإقليمي، فهناك أزمات على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية وهو ما يضع أعباء جسيمة على الدولة المصرية، ولولا قوة مؤسسات الدولة في مواجهة هذه الازمات، وأن انفجار هذه الأزمات في توقيت واحد يفرض استراتيجية مصر لمواجهتها، حيث تتم الموازنة بين أمرين الأول التخفيف عن أشقائنا من الدول المجاورة لمواجهة الأزمات شديدة الصعوبة، فمصر دولة مسؤولة تحترم مسؤوليتها وتعهداتها.
وأضاف أن «الأمر الثاني أن مصر تفرض احترام القانون وتحمي أمنها القومي وتواجه كل قنوات الهجرة غير الشرعية، وأن أجهزة الأمن المصرية تبذل جهودًا كبيرة لمواجهة الهجرة غير الشرعية، ونحن نرحب بالهجرة الشرعية، ونعمل على تفكيك شبكات الجريمة المنظمة التي تستغل معاناة المهاجرين وتهريبهم والمخاطرة بأرواحهم».
وأكد أن مصر ستستمر في نهجها واحترام التزاماتها، ولكن أيضًا دون أي تهاون في تنفيذ القانون في حالة وجود أعمال غير مشروعة تعرّض أمن المواطن والوطن للخطر.
من جانبها، أعربت يلفا يوهانسون المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية والهجرة عن سعادتها لزيارة مصر وللقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي بعد توليه مهام منصبه الجديد.
ووصفت مصر بأنها «شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي» في العديد من المجالات.. مبرزة الدور بالغ الأهمية الذي تقوم به مصر لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
كما أشادت المسؤولة الأوروبية بالجهود الكبيرة التي قامت بها مصر خلال السنوات الماضية في استضافة اللاجئين وتقديم الخدمات لهم، ولا سيما مع وصول أعداد كبيرة من السودانيين.
وأبرزت المفوضة الأوروبية الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي والمكاسب المشتركة، مضيفة أننا جاهزون لتحقيق شراكة جيدة وكاملة مع مصر.
وشددت المفوضة الأوروبية على أنه لا بد من مواجهة التهريب ودعم الجهود التي تبذلها مصر. وقالت إن أوروبا تحتاج بالطبع إلى الهجرة لاسيما أن القوى العاملة تتقلص في القارة كل عام بحوالي مليون شخص.
وردًّا على سؤال حول رؤية الاتحاد الأوروبي تجاه التجربة المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، قالت المفوضة الأوربية يلفا يوهانسن: «إن الاتحاد الأوروبي يقدر جهود مصر في مواجهة الهجرة غير الشرعية، وهناك تعاون مشترك بيننا، وكما ذكرت من قبل فإننا اتخذنا خطوات وهناك مساعدات ستصل هذا الشهر في إطار التعاون لحماية الحدود المصرية وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا في الاتحاد الأوروبي».
الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
أعطت مصر أهمية لملف الهجرة غير الشرعية على أجندة التعاون الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي ومصر التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي شريكا مهما ويعول عليها كثيرًا في الحد من هذه الظاهرة ومكافحتها، حيث يدرك الاتحاد الأوروبي مواجهة مصر ضغوطًا كبيرة للهجرة بسبب موقعها وحدودها سواء الشرقية أو الغربية والجنوبية الملامسة للأزمات الكارثية لدول الجوار، وهذا ما استدعى تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية وقضايا تعاون أخرى مثل الطاقة، والأجندة الخضراء، وأجندة المناخ.
وتقوم مصر في استراتيجيتها بتأمين حدودها البرية والساحلية على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، وذلك من خلال إحكام السيطرة على الموانئ الجوية والبحرية والمنافذ البرية، وتفعيل الوسائل التكنولوجية في مجالات الفحص، بما يسهم في التصدي للجرائم العابرة للحدود، وكذلك إحكام الرقابة على المنافذ الشرعية للبلاد والتصدي لعمليات التسلل عبر الحدود.
كما يتضمن برنامج حكومة الدكتور مصطفي مدبولي الجديدة العديد من برامج الحد من الهجرة غير الشرعية ، وذلك بتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة، حيث يحرص البرنامج الحكومي على تعزيز التعاون الدولي ،في كافة المجالات وخاصة مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال سد الفجوة بين المهارات واحتياجات أسوق العمل بالداخل والخارج وأيضا من خلال برامج تدريبية واسعة النطاق للشباب.
كل هذه الخطط والاستراتيجيات، أشاد بها المسئولون الأوروبيون، والذين طالما تضررت دولهم من هجوم الهجرة غير الشرعية، الذى أحاط باقتصادهم ومجتمعهم، وتسبب في زلزال صعود اليمين المتطرف المبنى شعبيته على رفض اللاجئين و منع الهجرة .
وأشاد رئيس وفد الاتحاد الأوروبى في مصر، السفير كريستيان برجر، في تصريحات صحفية سابقة، بالجهود المصرية لمعالجة للمسببات الرئيسية التي تؤدي للهجرة غير الشرعية، حيث ثمن ما تقوم به مصر في هذا الملف باعتباره إحدى أساسيات الحوار الاستراتيجي المصري الأوروبي.
وفى اجتماع سابق للرئيس السيسى مع شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي فى باريس، والذى ناقشا فيه أوجه التعاون السياسى بين الجانبين، حرص "ميشيل" على الإشادة بجهود مصر في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكداً تقدير الاتحاد الأوروبي لهذه الجهود في التعامل مع ذلك الملف، الأمر الذي انعكس على وقف حالات الهجرة غير الشرعية من مصر منذ عام 2016.
كما أكد رئيس المجلس الأوروبي أن مصر تعد نموذجاً ناجحاً في المنطقة في هذا الصدد تحت قيادة حاسمة وحكيمة من الرئيس، فهناك تنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبي حول العديد من القضايا الإقليمية الهامة في المحافل الدولية.
وأكد أوليفر فارهيلي مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار، أن الجانب الأوروبي يعول على مصر كمركز ثقل وشريك استراتيجي في تحقيق التوازن وصون السلم والأمن في جنوب المتوسط، مشيدًا في هذا الإطار بالرؤية المصرية الثاقبة لتحقيق التنمية الشاملة بالبلاد، وبجهودها الحثيثة في مجالي مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير الشرعية، وهي القضايا التي تأتي في مقدمة أولويات الاتحاد الأوروبي، مما جعل من مصر نموذجًا إقليميًا يحتذى به ويحظى بدعم شركائها.
جرى عقد عدة مشاورات بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ لبحث أزمة الهجرة وسبل التصدي لها والاتفاق على بروتوكولات تعاون مشتركة ذات طابع استراتيجي لمكافحة التهريب والإتجار بالبشر، ودعم جهود تعزيز الهجرة الشرعية، والتأكيد على الحاجة لجذب مزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل، بجانب مساهمات الاتحاد الأوروبي في توفير المُعِدَّات اللازمة في مجال مكافحة الهجرة.
كما تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية «2016-2026»، وتستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين وهم الشباب 18- 35 سنة، والأطفال وأسرهم والوافدين إلى مصر بشكل غير شرعي، كما تسعى إلى ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة، من خلال إجراءات وعقوبات مشددة عبر تعزيز التعاون بين الحكومة والأطراف غير الحكومية والإقليمية والدولية؛ للحد من الظاهرة، ورفع القدرة المعلوماتية ذات الصلة، وزيادة الوعي العام بها، وتعبئة الموارد اللازمة، وتعزيز الإطار التشريعي اللازم لدعم جهود مكافحتها، مع اعتبار التنمية أساسًا لذلك، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
وتشريعيا فى إبريل ٢٠٢٢ أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم ٢ لسنة ٢٠٢٢، بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم ٨٢ لسنة ۲٠١٦، من أجل التصدي لهذه الظاهرة حيث تم تغليظ العقوبة لتصبح السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
وأمنيًا تم تشديد التواجد الأمني لمنع عمليات التسلل التي كانت تتم عبر الحدود الشرقية، فضلا توقف عمليات التسلل من الحدود الغربية والجنوبية.
وبفضل جهود وزارة الداخلية والقوات المسلحة في تأمين الحدود تم إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية للمصريين والأجانب عبر الحدود البرية والبحرية خاصة التي تطل على البحر المتوسط، وتم حصار سماسرة الهجرة غير الشرعية، ممن يسهلون عبور المهاجرين عن طريق مصر.