تعتبر العلاقات بين مصر وألمانيا من أبرز العلاقات الدبلوماسية التي تجمع بين الشرق الأوسط وأوروبا، فقد شهدت العلاقات المصرية الألمانية تطورًا ملحوظًا وتعاونًا مثمرًا في مجموعة متنوعة من المجالات، وتشمل هذه المجالات السياسة، والاقتصاد، والطاقة، والتنمية، حيث بدأ الرئيس الألماني فرانك شتايمر زيارته الرسمية لمصر حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الرئيس الألماني فرانك شتايمر بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة قصر الاتحادية.
وفي هذا الصدد، يقول محمد صلاح، مؤسس امانه المهاجرين بالحزب الاشتراكي الديمقراطي في بولايه براندنبورغ، المانيا، حزب المستشار الالماني شولتس SPD ، إن زيارة الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إلى مصر بعد 25 عامًا من الانقطاع تأتي في لحظة حاسمة على المستوى الإقليمي والدولي. إلا أن هذه الزيارة تبرز أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين ألمانيا ومصر في ظل العديد من التحديات الراهنة.
وأضاف صلاح- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الأبعاد السياسية تأتي الزيارة في ظل سياقات معقدة في الشرق الأوسط، حيث تلعب مصر دورًا رئيسيًا في دعم الاستقرار الإقليمي. تمتلك مصر موقعًا استراتيجيًا مؤثرا في قضايا هامة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والأوضاع في ليبيا واليمن، فضلاً عن مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. تعتبر ألمانيا مصر شريكًا حيويًا في التعامل مع هذه التحديات، وتسعى لتعزيز التعاون الأمني والدبلوماسي لتحقيق استقرار أكبر في المنطقه
وأشار صلاح، إلى أن العلاقات الاقتصادية، هي أن ألمانيا تعد من أكبر الشركاء التجاريين لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 6.8 مليار يورو في 2023. تشمل العلاقات الاقتصادية بين البلدين مجالات متنوعة مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والتعليم. ومن المشاريع البارزة هو مشروع السكك الحديدية عالية السرعة الذي تقوده شركة سيمنز في مصر، مما يعزز التعاون في مجالات التكنولوجيا الحديثة والطاقة الخضراء.
وتابع: "أما عن التعاون في مجالات التنمية، فتعتبر ألمانيا من الدول الرائدة في دعم مشروعات التنمية في مصر، خاصة في قطاعات التعليم والمياه والطاقة. تعمل ألمانيا على توفير التمويل والمساعدات التقنية لمشروعات بنية تحتية أساسية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتعزيز النمو المستدام في مصر. هناك حوالي 160 مليون يورو سنويًا تخصصها ألمانيا للتعاون التقني مع مصر، مما يعزز من القدرة التنافسية المصرية وجذب الاستثمارات الأجنبية".
وأكمل: "الرؤية المستقبلية هي أن زيارة شتاينماير تفتح الباب لتعميق التعاون بين البلدين ليس فقط في المجالين السياسي والاقتصادي، بل أيضًا في مجالات أخرى كالتعليم، والبحث العلمي، والتكنولوجيا الخضراء في ظل التحولات الكبيرة في النظام العالمي وأزمة المناخ، يمكن أن يشهد المستقبل القريب مزيدًا من التعاون في مجال الطاقة المستدامة، خاصة أن ألمانيا تُعَد من الدول الرائدة في هذا المجال. من المتوقع أن تستفيد مصر من الخبرات الألمانية لتحقيق استراتيجياتها المتعلقة بالتنمية المستدامة والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر".
ومن جانبه، قال جمال رائف، الكاتب والباحث السياسي، إن زيارة الرئيس الألماني للقاهرة هي ثاني زيارة لمسؤول ألماني رفيع المستوى لمصر هذا العام بعد زيارة المستشار الألماني، وتعد دلالة واضحة تؤكد الزخم في العلاقات والذي ينعكس علي التعاون بمجالات متعددة.
وأضاف رائف ـ خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن زيارة الرئيس الألماني للقتهرة، تشير إلى تطور العلاقات المصرية الألمانية، وفيما يتعلق بالمؤتمر الصحفي وإشادة الرئيس الألماني بالحوار الوطني، هذا ما ننتظره من العالم أن ينظر إلى الدولة المصرية بعين الاعتبار، خاصة أن هذه التجربة استطاع المجتمع المصري من خلالها وضع حلول جذرية للكثير من التحديات، ومنها: الحرب الروسية الأوركانية وكورونا وما يحدث بقطاع غزة، وبرغم هذا الدولة المصرية ماضية لتعزيز بنائها السياسي والاقتصادي والصناعي، وهي تجربة ملفتة للأنظار.
وأشار رائف، إلى أن مجالات التعاون بين الدولتين، عديدة، ومنها: الثقافة والتعليم والاقتصاد، وأيضا حينما زار الريس السيسي ألمانيا، كان لدى الرئيس رغبة في استحضار الخبرة الألمانية في التعليم الفني في مصر، وأيضا في التعليم الأساسي، وأعلن الرئيس الألماني أن يزداد هذا التعاون خلال الفترة المقبلة.
العلاقات السياسية والدبلوماسية
وتمثل العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مصر وألمانيا أساسًا قويًا للتعاون بين البلدين. شهدت السنوات الأخيرة العديد من الاتصالات والمباحثات رفيعة المستوى. في 29 يناير 2024، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الألماني أولاف شولتز، حيث ناقشا الوضع في قطاع غزة والتوترات المتصاعدة في المنطقة. وأشاد شولتز بدور مصر البناء في التوصل إلى وقف إطلاق النار، ومبادرات تبادل المحتجزين، وأكد الجانبان على أهمية حل الدولتين كأساس لاستعادة السلام والأمن.
في 10 سبتمبر 2023، التقى الرئيس السيسي بالمستشار شولتز على هامش قمة مجموعة العشرين في الهند، حيث تمت مناقشة أطر التعاون في مجالات مثل النقل والتصنيع والطاقة. تم التركيز أيضًا على سبل زيادة الاستثمارات الألمانية في مصر، وشدد الجانبان على ضرورة تعزيز التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية ومواجهة التحديات الإقليمية، مثل الأزمة السودانية والأزمة الروسية الأوكرانية.
التعاون الاقتصادي والاستثماري
تُعد ألمانيا من أكبر الشركاء التجاريين لمصر في أوروبا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 6.05 مليار دولار في عام 2021، وقد شهد التعاون الاقتصادي بين البلدين أحداثًا بارزة، منها:
وفي 3 سبتمبر 2024، استضافت الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة مائدة مستديرة لمناقشة مستقبل الاستثمارات الألمانية في مصر. حضر الاجتماع ممثلون من الشركات الألمانية والسفارة الألمانية في القاهرة، وتم التركيز على إمكانيات الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وخاصةً الهيدروجين الأخضر.
تساهم الشركات الألمانية في دعم الاقتصاد المصري من خلال الاستثمارات المباشرة، ويعمل في مصر حوالي 1180 شركة ألمانية، توظف آلاف المصريين. على سبيل المثال، شركة "ليوني مصر" المتخصصة في صناعة كابلات السيارات تحتفل بمرور 25 عامًا على تواجدها في مصر، وتخطط لتوسيع أعمالها وزيادة عدد العاملين إلى 10,000 موظف.
التعاون التنموي والتكنولوجي
يبلغ حجم مشاريع التعاون التنموي بين مصر وألمانيا حوالي 61 مليار يورو، مما يعكس عمق العلاقة بين البلدين في هذا المجال. تتنوع مجالات التعاون بين الطاقة المتجددة، والتدريب المهني، ومياه الشرب والصرف الصحي، والتنمية الحضرية.
في 20 أبريل 2024، ناقش الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان المصري، مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) سبل تحسين أداء قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر.
كما تعمل مصر وألمانيا معًا لتحسين الظروف المعيشية من خلال تنفيذ مشاريع تنموية مستدامة. وقد أكدت وزيرة التعاون الدولي المصرية، الدكتورة رانيا المشاط، في مايو 2023، على أهمية التعاون مع ألمانيا في إطار برنامج "نُوَفِّي" لتعزيز التحول إلى الاقتصاد الأخضر وتحفيز العمل المناخي.
مستقبل العلاقات المصرية الألمانية
وتتقدم المنظمة المصرية الألمانية بالشكر للرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير على مجهوداتة لتوطيد العلاقات المصرية الألمانية و التعاون المتبادل في كل المجالات و على كل المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
وقال ماجد سعد رئيس المنظمة المصرية الألمانية، إن مجهودات الرئيس فرانك - فالتر شتاينماير لتوطيد هذة العلاقات بدأت من قبل تولية منصب رئاسة جمهورية ألمانيا الاتحادية، فقد شغل سيادته عدة مناصب من اهمها، منصب وزير الخارجيةمن عام 2013 حتى عام 2017، حيث كانت هذة الفترة من أصعب الفترات التاريخية التي مرت على تاريخ مصر، حيث كان وزير الخارجية وقتها متفهم لصورة الصحيحة لما كان يحدث في مصر وقتها.
وتابع : وهنا يعود الفضل أيضا لـ وزير الخارجية بدر عبد العاطي الذي كان سفيرا لمصر في ألمانيا وقتها، حيث قام بمجهودات و تنسيق مع وزارة الخارجية الألمانية أثناء هذة الفترة ورؤية الصورة الصحيحة لما كان يحدث في مصر أثناء هذة الفترة منذ ثورة الـ 30 من يونيو المجيدة التي عبرت بمصر لبر الأمان و التنمية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في ظل ظروف صعبة تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لتصبح مصر بلد مستقر جاذب للاستثمار.
برنامج زيارة الرئيس الألماني للقاهرة
وأشار إلى أن زيارة الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير لمصر تأتى كأول زيارة لرئيس ألمانيا منذ 24 عاماً مرافقا إياه وفد اقتصادى لبحث فرص الشراكة والعمل مع الحكومة المصرية وفد من ممثلي كبرى الشركات الألمانية.
ويجرى شتايمر محادثات مع ممثلى المجتمع المدنى والمؤسسات السياسية الألمانية فى مصر كما يزور مدرسة راهبات القديس تشارلز بوروميو الألمانية.
كما يزور الرئيس أهرامات سقارة فضلا عن جولة فى شوارع المدينة الإسلامية القديمة بالقاهرة وشارع المعز كما يتجول داخل سوق السمكوهو المشروع التابع لبرنامج التنمية التشاركية فى المناطق الحضرية وكذلك كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية حيث يلتقى مع البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
كما يجرى الرئيس جولة تفقدية داخل الجامعة الألمانية الدولية حيث يلتقى ويتناقش مع الطلبة كما يجرى الرئيس جولة في العاصمة الإدارية الجديدة حيث موقع بناء المحطة الجديدة.