في واحدة من أكثر المناظرات الرئاسية إثارة في الانتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، اشتعلت المواجهة بين دونالد ترامب وكامالا هاريس بمناقشات حادة حول قضايا بارزة ومؤثرة على الساحة الدولية، تركز النقاش على الأزمات الراهنة، بدءاً من النزاع الدامي في قطاع غزة والحرب الروسية الأوكرانية، وصولاً إلى تبعات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
وبينما سعت هاريس إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى هدنة في غزة ودعم سياسة بايدن في التعامل مع أفغانستان، قدم ترامب رؤيته القوية التي تركز على انتقادات حادة لإدارة بايدن والتأكيد على أنه كان ليمنع الأزمات الحالية، وتميزت المناظرة بالصراع المتصاعد بين رؤى السياسيين المتنافسين، مما ألقى الضوء على التباين الكبير بين سياساتهم ورؤيتهم لمستقبل الولايات المتحدة والعالم.
المناظرة الرئاسية الأمريكية.. ماذا يحدث؟
وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحفي عزت إبراهيم، رئيس تحرير “الأهرام ويكلي” والمتخصص في الشأن الأمريكي، إن ترامب أقدم على ارتكاب كل الأفعال التي خشيت منها حملة المرشح الجمهوري، بينما التزمت هاريس بكل ما أرادته حملة المرشحة الديمقراطية في هذه الليلة، وأن رسالة الوحدة التي أرادتها هاريس لجذب الناخبين من الأقليات العرقية والدينية ونسبة كبيرة من المهاجرين حديثا نجحت في توصيلها إلي حد كبير، بينما ركز ترامب علي الكتلة الصلبة من مؤيديه في اليمين أو التيار المحافظ بمهاجمة المهاجرين غير الشرعيين الخطرين علي مستقبل البلاد.
وأضاف إبراهيم، خلال بوست على صفحته الشخصية في موقع "فيس بوك"، أن البرنامج الاقتصادي والتعامل مع قضية المناخ لدى هاريس أكثر جدية في الطرح، بينما تحدث ترامب عن أداء اقتصادي سيئ في عهد بايدن دون أن يقدم شروحات كافية عن نتائج هذا الأداء السيئ، وهاجم ترامب برنامج الرعاية الصحية الذي يطبقه بايدن وقال إنه سيحضر البديل، ولا يعرف ماهية هذا البديل بعد، وهي نقطة تفقده الكثير خاصة في أوساط الناخبين المستقلين.
وأشار إبراهيم إلى أن ترامب وقع في تناقض الدعوة إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا لأنها مكلفة وتسببت في ضياع 150 مليار دولار وخسائر في الأرواح، بينما لا يمانع في استمرار دعم إسرائيل في الحرب على غزة رغم أنفاق 100 مليار دولار على تسليح إسرائيل في السنة الماضية من أموال دافعي الضرائب، إضافة إلى أن ترامب غازل القاعدة الجمهورية المحافظة الصلبة في دعمها لإسرائيل، بينما تعاملت هاريس بدقة لمواجهة انقسام الحزب الديمقراطي بين مؤيدين لإسرائيل، ومعارضين لاستمرار الحرب من بينهم كتلة تصويتية مهمة في ولاية متأرجحة مثل ميشيغان.
وتابع: "اعتمد ترامب على الارتجال في الحديث والهجوم الشخصي على هاريس رغم اعتراض مديري حملته، بينما بدت هاريس ملتزمة بتعليمات مديرو الحملة الانتخابية بالابتعاد عن التراشق في المساحات الشخصية والاشتباك مع الأفكار قبل الانتخابات، قال 28 في المائة من الناخبين المحتملين إنهم بحاجة إلى معرفة المزيد عن هاريس، بينما قال 9 في المائة فقط الشيء نفسه عن ترامب وهو ما أدارته حملة هاريس بوعي أكبر، وتعاقب ثلاثة مرشحين ديمقراطيين على ترامب في فترة 8 سنوات، تصنع منه مرشحا عنيدا وصلبا في التمسك بآرائه، يعتقد أن هاريس لا تختلف عن هيلاري، وأن مكسبه في 2016 قابل للتكرار بسهولة هذه المرة أمام مرشحة "ملونة" وليست "بيضاء" وهو ما يقلل من استجابته للتعامل بجدية وتدقيق شديد فيما يطلقه من تصريحات".
واختتم: "ما زال مبكرا الحديث عن تفوق مرشح علي حساب الآخر لان حسبة ولايات المعركة الحاسمة (7 ولايات تقريبا) معقدة ودقيقة، والناخبون، حسب استطلاعات الرأي الفورية، ما زالوا ينتظرون المزيد من الايضاحات حول البرامج التفصيلية للمرشحين حول الاقتصاد والرعاية الصحية خاصة في اوساط الناخبين المستقلين والمترددين، وبدت السياسة الخارجية عامل غير مؤثر في الفترة الباقية علي الذهاب إلى مراكز الاقتراع في 5 نوفمبر المقبل".
وقف الحرب وحرية الرهائن
وتداول النقاش بشكل مكثف حول النزاع الجاري في قطاع غزة، الذي بدأ في 7 أكتوبر، إضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وعندما سُئلت كامالا هاريس عن رؤيتها للحرب في غزة، أكدت أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها أشارت إلى أن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين قد فقدوا حياتهم، دعت هاريس إلى هدنة توقف الحرب وتضمن حرية الرهائن الإسرائيليين في غزة.
من جهة أخرى، رد ترامب على الموضوع قائلاً إن الحروب في غزة وأوكرانيا لم تكن لتحدث لو كان هو رئيساً.
وانتقل النقاش بعد ذلك إلى ملف الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، حيث اتهم ترامب إدارة بايدن بالتسبب في كارثة نتيجة هذا الانسحاب، وادعى أن القوات الأمريكية تركت خلفها العديد من الأسلحة لتنظيم طالبان، مشيراً إلى أن روسيا شعرت بالجرأة على غزو أوكرانيا بعد أن شهدت ضعف الولايات المتحدة خلال انسحابها من كابول.
في المقابل، دافعت هاريس عن إدارة الرئيس جو بايدن في هذا الصدد، موضحة أن ثلاثة رؤساء أمريكيين سابقين كانوا يرغبون في الانسحاب من أفغانستان قبل بايدن، وأن الأخير كان الوحيد الذي تمكن من تحقيق هذا الهدف.
كما اتهمت هاريس منافسها الجمهوري، قائلة: "حرصت إدارة ترامب على التقرب من تنظيم إرهابي"، في إشارة إلى طالبان، متجاوزةً الحكومة الأفغانية في ذلك الوقت.