قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

محمد الغريب يكتب: «لين القلب».. خُلق النبوة الغائب

×

يحتفي المسلمون كل عامٍ بذكرى المولد النبوي الشريف؛ وبالتنائي عن جدال عقيم وتبدع وتحريم مقيت، لم يُشر أي مُبلغٍ؛ داعية، أو واعظ وواعظة -إلا ما رحم ربي- إلى أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أضحت بيننا مهجورة والأكثر من ذلك مذمومة.
فقد بات المسلمون في نفورٍ من الطيبة، الرحمة والعفو، شُنع بينهم الراحمون وذُمَّ في أواسطهم الطيبون، فالجميع يرونهم فئة من المغفلين؛ يظنون بهم الغباء وفي عقولهم الجنون؛ يسعون لإماتة قلوبهم كما ماتوا، وكأنهم تناسوا أن من أخلاقه صلى الله عليه وسلم التي امتدحه بها الحق سبحانه وتعالى لين لقلب فقال جل من قائل: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ».
نعم.. يبحث الناس في زماننا هذا عن الدونية في أسمى معانيها؛ يريدون للمسلم أن يحيى لنفسه؛ تناسوا أن في ديننا ما يحض على التعارف والتقارب والمؤازرة والإيثار وغيرها يقول سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)»، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ؛ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».
وكما قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رأيت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة: أنه ليس بفظٍ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح».
لكن يبدو أن المسلمون اليوم في طريقهم لأن يكونوا مسخًا مُنسلخًا عن دينه بفضل ما يتبعونه من هوى؛ فقد أضحت الآراء الفقهية أو الأمور الشرعية بمعيار قلبي يغلبه الهوى استتارًا وراء قول النبي صلى الله عليه وسلم: «استفت قلبك ولو أفتوك»، متناسين أن الحديث لا يعني أن أساس معرفة الأحكام الشرعية وتمييز الصحيح منها هو التذوق النفسي والشعور القلبي حسبما بينت دار الإفتاء؛ وأنه لا يتعدى أن يكون فتوى خاصة بالصحابي وابصة بن معبد رضي الله عنه فلا تكون عنوانًا لضلالكم.
ومع اقتراب ذكرى مولد نبيكم لست أدري أيحتاج المسلمون اليوم لمن يذكرهم أنه ليس من أتباع الحبيب من شغله نفسه عن إخوته، وإن لم يكن بمقدورك أن تساعده فبكلمة؛ أن تعلموا أنه لا مكان لمسلم ما لم يكن في قلبه الخير؛ يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؛ وعنه صلى الله عليه وسلم: «وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما».
وعنه صلى الله عليه وسلم: «أفضل الإيمان، أن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك»؛ فكونوا مسلمين قولًا وفعلًا ولا تجعلكم الدنيا متدنيين بما وقع فيه غيركم ممن أغرتهم الدنيا فأعلنوا التمرد وأرسوا قواعد الأنانية وأضحت الحياة بالنسبة لهم متاعًا خاصًا؛ والدين أهواءً وأفعالًا خاصة؛ شرعوا لأنفسهم الزنا وأمعنوا في فحشهم نشر المنكر والنهي عن المعروف.
ختامًا.. تيقنوا أن حب الخير للنفس أمر فطري، لكن أن تمنحوه للغير فهو أسمى الأخلاق ومكارمها وهو السبيل للجنة كما أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله لرجل: أتحب الجنة؟. قال: نعم. قال : «فأحب لأخيك ما تحب لنفسك».