قالت الدكتورة نيفين مختار، الواعظة بوزارة الأوقاف، إن الصدق ليس مجرد صفة أخلاقية، بل هو أساس الإيمان وأحد أعظم القيم التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
الصدق أساس الإيمان
وأوضحت “ مختار” في تصريح لها ، أن "الصدق ليس مجرد قول أو فعل، بل هو حالة تسكن القلب وتنعكس على الأفعال والسلوكيات، فالإيمان بالصدق يجعل الفرد يعيش حياة مليئة بالإخلاص والتقوى.
وأشارت إلى أن ذلك هو ما يجعل الصدق من أعظم القيم التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، منوهة بأنه للحفاظ على الإخلاص، يجب أن يكون الصدق عميقًا في القلب، عندما نقول 'أصدق الله يصدقك'، فإن ذلك يتماشى مع أمر الله سبحانه وتعالى بالصدق.
واستشهدت بما يقول الله تعالى في كتابه العزيز : ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِين) الآية 119 من سورة التوبة، لذا، فإن التقوى ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالصدق، ويجب أن نتحلى بالصدق في ثلاث مجالات رئيسية، وهي أن نكون صادقين في تقوانا لله .
النية الصافية تُحتسب
وتابعت: ونعلم أن الله يراقبنا، وأن نكون صادقين في الخوف من الله بحيث لا نكون مُنافقين أو نتظاهر بشيء ونحن نكون عكسه في القلب، وأن نكون صادقين في النية كما جاء في الحديث القدسي (إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوه له واحدة)، مما يعني أن النية الصافية تُحتسب.
ونبهت إلى أن النية الصافية تعني أنني إذا بدأت شيئًا بنية صافية ثم اختفى من أمامي، فإنني أكون قد نلت الثواب لأنني كنت صادقًا في نيتي، التقوى تعني أن أكون على علم بأن الله يراقبني، وهذا يرفعني إلى مقام الإحسان.
وأفادت أن الصدق في التقوى يعني أن أعيش حياتي تحت مراقبة الله، وأن الصدق في الخوف من الله يعني عدم التظاهر أو تقديم وعود كاذبة، والصدق هو أساس للحصول على أجر الصادقين ورفع المكانة، وإلا سأكون مع المنافقين.
أهمية الصدق
- الصدق صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا).
- الصِّدق صفة مُلازِمة لجميع الأنبياء والرسل عليهم الصّلاة والسّلام، وهو دليل نبوّتهم وصدق رسالتهم، قال الله سبحانه وتعالى: (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).
- الصِّدق من صفات عباد الله المُتّقين؛ الذين لا ينطقون إلا ما هو صدق وحقّ، وقد ذكر الله تلك الصفة لعباده المؤمنين في العديد من المواضع في كتابه العزيز، ومن تلك المواضع قول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ*الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ*الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ).
فوائد الصدق
- الصادق خير الناس، وأفضلهم وأشدّهم قرباً من الناس؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ الناسِ ذُو القلبِ المخمُومِ واللسانِ الصَّادِقِ، قِيلَ: ما القلبُ المخمُومِ؟ قال: هو التَّقِيُّ النَّقِيُّ الذي لا إِثْمَ فيه ولا بَغْيَ ولا حَسَدَ، قِيلَ: فَمَنْ على أثَرِهِ؟ قال: الَّذي يَشْنَأُ الدُّنيا، ويُحِبُّ الآخِرةَ، قِيلَ: فمَنْ على أثَرِهِ؟ قال: مُؤمِنٌ في خُلُقٍ حَسَنٍ).
- الصادق مُجاب الدُّعاء، وله الأجر الكبير من الله سبحانه وتعالى، حتّى وإن عجز عن العمل الذي نواه بصدق مع العزم عليه والصِّدق في طلبه، فسيجزيه الله أجر ما نوى؛ حيث أخرج الإمام مسلم في صحيحه من رواية سهل بن حنيف أن النبي -صلى الله عليه وسل- قال: (مَن سأَل الشَّهادَةَ بصِدقٍ، بلَّغه اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ مات على فِراشِه).
- في الصِّدق حصول للبركة في البيع والشراء؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).
- في الصِّدق طمأنينة للقلب والنفس، وسكينة للصادق، وراحة له في سائر أحواله.
- في الصِّدق ارتقاء إلى منازل الأخيار والأبرار من الأنبياء، والصدِّيقين، والصالحين.
- في الصِّدق فوز برضوان الله سبحانه وتعالى.
- الصِّدق ضمان لدخول الجنة؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصدُقُ حتَّى يَكونَ صدِّيقاً، وإنَّ الكذِبَ يَهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ، حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّاباً).