تحتفي الأمة العربية والإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف 2024، وتعد رؤية جمال سيدنا رسول الله ﷺ أثر كبير في ارتقاء الناس في الدنيا والآخرة، فبرؤيته يرقى العبد في مراقي العبودية إلى الله مدارج لا يعلمها إلا الله، ومن هذا ما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يسمى الصحابي بهذا الاسم إلا بلقائه رسول الله ﷺ واجتماعه بجسده الشريف, وإن كان معه في عصره فقط لا يعتبر صحابيا. فقد ارتفع الصحابة منزلة على رءوس العالمين بسبب اجتماعهم به ﷺ , ورؤيتهم لرسول الله ﷺ والنظر إليه, وكذلك كانت رؤية صورته الشريفة في المنام من أكبر منن الله على المسلم الصادق إذ يقول ﷺ من رآني في المنام فقد رآني (أخرجه البخاري ومسلم).
ويعد وصف الرسول جسديا من الأمور التي تشغل الكثيرين خاصة من المشتاقين لرؤية الجناب النبوي في المنام، ويتساءلون عن وصف الرسول جسديا حتى يتيقن الرائي من أنه في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وصف أمير المؤمنين لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
كَانَ أمير المؤمنين عَلِيٌّ رضي الله عنه، إِذَا وَصَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ وَلَا بِالقَصِيرِ المُتَرَدِّدِ وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالجَعْدِ القَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ كَانَ جَعْدًا رَجِلًا وَلَمْ يَكُنْ بِالمُطَهَّمِ، وَلَا بِالمُكَلْثَمِ، وَكَانَ فِي الوَجْهِ تَدْوِيرٌ، أَبْيَضُ مُشْرَبٌ، أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ، أَهْدَبُ الأَشْفَارِ، جَلِيلُ المُشَاشِ، وَالكَتَدِ، أَجْرَدُ ذُو مَسْرُبَةٍ شَثْنُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ، وَإِذَا التَفَتَ التَفَتَ مَعًا، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، أَجْوَدُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ". جامع الترمذي
وصف دقيق لهيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وردت فى السنة النبوية المطهرة الكثير من الأحاديث التى تصف هيئة وملامح سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر العلماء أن أكثر الناس دقة فى وصف النبى هو سيدنا على بن أبى طالب ومن هذه الأحاديث:
ما ورد عَنْ عَلِيٍّ -رضى الله عنه- قَالَ: «لم يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ضَخْمَ الرَّأْسِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ إِذَامَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا انْحَطَّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ»، رواه الترمذي، حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قال الإمام صفى الرحمن المباركفوري فى شرحه لجامع الترمذي، أن قول الإمام على: «لم يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِير»، أي المفرط في الطول ولا بالقصير، وزاد البيهقي وهو إلى الطول أقرب، مضيفاً أن معنى قوله «شَثْنَ الْكَفَّيْنِ» أي أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ويحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضهم ويذم في النساء.
وتابع:«فإن قلت: هذا يخالف ما رواه البخاري عن أنس قال ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم؟، قلت: قيل اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن مع القوة، ويؤيده ما رواه الطبراني والبزار من حديث معاذ رضي الله عنه: أردفني النبي خلفه في سفر فما مسست شيئاً قط ألين من جلده -صلى الله عليه وسلم-»، وقوله « ضَخْمَ الرَّأْسِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ» أي عظيمه، والكراديس هي رؤوس العظام، وواحدها كردوس، وقيل: هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين، ويردا منها فى هذا الحديث أنه –صلى الله عليه وسلم- ضخم الأعضاء.
وأضاف المباركفوري فى شرح الحديث، أن المراد بقول علىّ «طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ» أى الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة، « إِذَامَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا» أي تمايل إلى قدام، وقوله –رضى الله عنه- «كَأَنَّمَا انْحَطَّ مِنْ صَبَبٍ» أي يسقط، والصبب هو الموضع المنحدر من الأرض، وقيل: الصبب الحدور وما ينحدر من الأرض، والمراد بها فى هذا الحديث أنه –صلى الله عليه وسلم- كان يمشي مشياً قوياً ويرفع رجليه من الأرض رفعاً بائناً لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب خطاه تنعماً، وقول«لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ» أي قبل موته لأن علياً لم يدرك زماناً قبل وجوده ولابعد موته –صلى الله عليه وسلم-.