قوتنا المستدامة التي نتصف ونتميز بها، قد تضعف في بعض الأحيان. نعم، قد نمر بفترات من الضعف والانتكاسة، خاصة لو كنا أشخاصًا حساسة. عندما نتعرض للإحباطات الصادرة من أشخاص سامة في حياتنا تتصف بالغيرة وربما الحقد والمشاعر السلبية.
لا شك أن المظاهر أغلبها خدّاعة في حياتنا وفي زماننا الحالي بالأخص .. قد نجد أشخاصًا يقدمون لنا النصح والإرشاد الذي يبدو أنه لمصلحتنا، وهو يحمل أحيانًا في طياته سمًّا خفيًا، يكمن في انتقادات هدامة تهدف إلى إضعاف ثقتنا بأنفسنا .. هذه الانتقادات المبطنة تثير فينا مشاعر الشك وتقلل من إيماننا بقدراتنا، مهما كانت قوتنا .. لذا، من الضروري أن نكون حذرين في اختيار من نتحدث معه ومن نبوح له بمشاعرنا أو ضعفنا .. الأفضل أن نلجأ لأشخاص موثوقين، يمدوننا بالدعم الحقيقي، ويقفون بجانبنا دون تصنع أو مصالح خفية.
الخوف الذي يراودنا بين الحين والآخر شعور طبيعي حسب طبيعة نفوسنا البشرية التي تخاف وتضطرب، ولكنه قد يتحول لشعور خطير عندما يزداد عن حده ويتعلق الأمر بعرقلة مسيرتنا أو تعطيل أهدافنا .. من المعروف أن الخوف الزائد عن الحد سببه البعد عن الإيمان والاستسلام للشيطان، الذي يخيف الإنسان عن طريق أعوانه .. وكم من شياطين الإنس تعينه وتحمل نفس الأفكار الشيطانية من تشاؤم ويأس وخوف وحزن، وكل هذا يخيف الإنسان: "إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (آل عمران: 175).
الشيطان يستخدم وسائل متعددة لتخويف الإنسان المؤمن عبر أوليائه: بالتهديدات المادية: مثل الخوف من الفقر، الخوف من فقدان المال والرزق في المستقبل .. بالتهديد الاجتماعي: عن طريق إخافة الإنسان من كلام الناس أو نظرة المجتمع إليه، مما قد يدفعه إلى التخلي عن بعض مبادئه وقيمه، خاصة الدينية .. بزعزعة الثقة بالنفس: عن طريق الشك في عدم القدرة على مواجهة التحديات وتخطي عراقيل الحياة .. بالتخويف من المجهول: عن طريق الهواجس بالتفكير في فراق من نحب وفقده .. كل هذه المخاوف تؤثر سلبًا على قوتنا وتضعفنا وتزعزع ثقتنا في أنفسنا .. هذا لا يعني أننا لا نخطط لمستقبلنا أو ندخر من المال، أو ألا نقلق، لأن الشعور بالقلق والخوف طبيعي ما دام في حدود المعقول .. أما الخوف الزائد عن الحد، فالله أحق أن يخشى منه، لأن مصدر الطمأنينة: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد: 28).
ولكن الإنسان القوي سرعان ما يستعيد قوته التي تعرضت للانتكاسة ويزيل الغبار من على عينيه ويدرك قوته الحقيقية .. يجب أن نقاوم كل السلبيات في حياتنا، وأن نظل محتفظين بروح الصبر والمقاومة والثبات والإيمان .. علينا ألا نفقد ثقتنا بأنفسنا بشكل أو بآخر، وأن نكون كالشمس التي تتحدى الغيوم.