قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هل الأنبياء معصومون قبل بعثتهم؟.. وأي ديانة اعتنق النبي قبل الإسلام؟

المسجد النبوي
المسجد النبوي
×

هل الأنبياء معصومون قبل بعثتهم؟، وأي ديانة اعتنق النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام؟ من الأسئلة التي تثار كشبهات ونورد جوابها في السطور التالية.

هل الأنبياء معصومون قبل بعثتهم؟

ومع اقتراب المولد النبوي الشريف أوضحت دار الإفتاء المصرية بيانها بشأن عصمة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قبل التكليف بالرسالة حيث سائل يقول: المعروف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن على دين قومه قبل بعثته، ولم يسجد لصنم أبدًا وأن الله تعالى قد عصمه من أفعال أهل الجاهلية؛ فنرجو منكم بيان ذلك وتوضيحه؟


وقالت إن اعتقاد العصمة له صلى الله عليه وآله وسلم ثابتة وواجبة لِحَقِّهِ الشريف وجنابه المنيف قبل النبوة وبعدها، وهذا بمبناه ومعناه قرَّرته نصوص الشريعة عبارة وإشارة، تصريحًا وتلميحًا في الكتاب والسُّنَّة، واتفقت على ذلك الأمة، وأطبق عليه العلماء والأئمة، جيلًا بعد جيلٍ من غير نكير، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستلم صنمًا قط ولم يمسَّه، بل كان ينهى مَن معه عن ذلك وهو لم يوحى إليه بعدُ.


وأضافت: مَنَّ اللهُ تعالى على البشرية جمعاء بخاتم النبيين وسيد المرسلين سيدنا محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم أجمعين، والعصمة من الكفر ثابتة وواجبة لجنابه الشريف ولجميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا بمبناه ومعناه قرَّرته نصوص الشريعة عبارة وإشارة، تصريحًا وتلميحًا في الكتاب والسُّنَّة، واتفقت على ذلك الأمة، وأطبق عليه العلماء والأئمة، جيلًا بعد جيلٍ من غير نكير؛ وقد قال الله تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَىٰ﴾ [النجم: 2].

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْمَهُ، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والبزار في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي في "التعليق".

قال العلامة ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 81-82، ط. دار ابن حزم): [وقد استدل الإمام أحمد بحديث العرباض بن سارية رضي الله عنه هذا على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل على التوحيد منذ نشأ، ورَدَّ بذلك على مَن زعم غيرَ ذلك.. قال حنبل: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد: مَن زعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان على دِين قومه قبل أن يُبعث؟ قال: هذا قول سوء ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يُحذر كلامه ولا يجالَس] اهـ.

النبي لم يستلم صنمًا قط ولم يمسَّه

وقد أفادت الأحاديث والآثار التي وصفت شأن وحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستلم صنمًا قط ولم يمسَّه، بل كان ينهى مَن معه عن ذلك وهو لم يوحى إليه بعدُ.

فعن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الْأَنْصَابِ فَذَبَحْنَا لَهُ شَاةً، ثُمَّ صَنَعْنَاهَا لَهُ حَتَّى إِذَا نَضِجَتْ جَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَتِنَا.. ثُمَّ قَدَّمْنَا إِلَيْهِ السُّفْرَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الشِّوَاءُ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قُلْنَا: "هَذِهِ الشَّاةُ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبِ كَذَا وَكَذَا"، فَقَالَ: «إِنِّي لَا آكُلُ شَيْئًا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللهِ» ثُمَّ تَفَرَّقْنَا. وَكَانَ صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُمَا إِسَافُ وَنَائِلَةُ، فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَطُفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمَسَّهُ» وَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُ أَنْظُرُ مَا يَقُولُ: فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمَسَّهُ أَلَمْ تُنْهَ؟!» قَالَ: "فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ" أخرجه النسائي في "السنن الكبرى"، وأبو يعلى في "المسند" بلفظ: «لَا تَمْسَحْهُمَا فَإِنَّهُمَا رِجْسٌ».

وليس في قوله: "فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَطُفْتُ مَعَهُ" أي دلالة على عبادة الأصنام؛ لأنه لا يَبعُد صرف الطواف المذكور إلى قصد الكعبة المشرفة بالطواف وهو المراد، وأما الدوران الحاصل حول الأصنام فكان باعتبار وجودها بالكعبة المشرفة وإحاطتها بها آنذاك ليس إلَّا، فيصدق عليه المعنى اللغوي لا الشرعي -أي: مجرد الدوران المجرد حول الشيء، لا لقصد التعبد؛ فهي لم تُقصد ألبتة، وإنما القصد كان للكعبة المشرفة، فشمل الدورانُ الأصنامَ باعتبار محلِّها فقط، فلم يكن صلوات ربي وسلامه عليه يتعبدها ولا يعتقد فيها، بل كان يبغضها، حتى وردت النصوص صريحة على بغضه الحلف باللات والعزى.

فعن عروة بن الزبير رضى الله عنه قال: "حدثني جار لخديجة بنت خويلد رضى الله عنها قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لخديجة: «أَيْ خَدِيَجة وَاللهِ لَا أَعْبُدُ الَّلاتَ أَبَدًا، وَاللهِ لَا أَعْبُدُ العُزَّى أَبَدًا»، قال: فتقول خديجة خل العزى، قال: كانت صنمهم الذي يعبدون، ثم يضطجعون" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" و"فضائل الصحابة"، وقال نور الدين الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 225، ط. مكتبة القدسي) عنه: [رجاله رجال الصحيح] اهـ، فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم ما عُرف تعظيمه للأصنام على أيِّ وجهٍ كان، لا حالًا ولا مقالًا.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ قَالَتْ: "كَانَ بِبُوَانَةَ صَنَمٌ تَحْضُرُهُ قُرَيْشٌ وَتُعَظِّمُهُ، وَتَنْسِكُ لَهُ النَّسَائِكَ، وَيَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ عِنْدَهُ، وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ وَذَلِكَ يَوْمٌ فِي السَّنَةِ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْضُرُهُ مَعَ قَوْمِهِ، وَكَانَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعِيدَ مَعَ قَوْمِهِ، فَيَأْبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا طَالِبٍ غَضِبَ عَلَيْهِ أَسْوَأَ الْغَضَبِ فَيَقُولُ: "إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنَ اجْتِنَابِ آلِهَتِنَا" وَرَأَيْتُ عَمَّاتِهِ غَضِبْنَ عَلَيْهِ يَومَئِذٍ أَشَدَّ الْغَضَبِ وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: "مَا تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ أَنْ تَحْضُرَ لِقَوْمِكَ عِيدًا وَلَا تُكَثِّرَ لَهُمْ جَمْعًا" قَالَتْ: "فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا مَرْعُوبًا"، فَقُلْنَ عَمَّاتُهُ: "مَا دَهَاكَ؟" قَالَ: «إنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ بِي لَمَمٌ» فَقُلْنَ: "مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَبْتَلِيَكَ بِالشَّيْطَانِ وَفِيكَ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا فِيكَ فَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟"، قَالَ: «إِنِّي كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ بِي: "وَرَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ لَا تَمَسَّهُ"»، قَالَتْ: "فَمَا عَادَ إِلَى عِيدٍ لَهُمْ حَتَّى تَنَبَّأَ"". أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة"، وذكره ابن سعد في "الطبقات الكبرى"، وابن سيد الناس في "عيون الأثر"، وتقي الدين المقريزي في "إمتاع الأسماع"، والذهبي في "السير" و"تاريخ الإسلام"، والسيوطي في "الخصائص الكبرى"، ونور الدين الحلبي في "السيرة الحلبية"؛ فيظهر منه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش مع أهل مكة وهم وثنيون، وكان بطبيعة الحال مطالب بالاختلاط بهم، ومعاينة ما يعيشونه، ومشاهدة أعيادهم ومناسكهم واحتفالاتهم، إلا أن المراد بالمشاهدة أنه شهد ذلك مع مَن فعله، لا أنه فعله بنفسه؛ كما أفاده الإمام البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 35، ط. دار الكتب العلمية).

قال القاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/ 110، ط. دار الفكر): [إن قريشًا قد رمت نبيَّنا بكلِّ ما افترته، وَعَيَّر كفارُ الأممِ أنبياءَها بكلِّ ما أمكنها واختلقته مما نصَّ الله تعالى عليه أو نقلته إلينا الرواة، ولم نجد في شيء من ذلك تعييرًا لواحد منهم برفضه آلهته، وتقريعه بذمه بترك ما كان قد جامعهم عليه، ولو كان هذا لكانوا بذلك مبادرين، وَبِتَلَوُّنِهِ في معبوده محتجين، ولكان توبيخهم له بنهيهم عما كان يعبد قبل أفظع وأقطع في الحجة من توبيخه بنهيهم عن تركهم آلهتهم وما كان يعبد آباؤهم من قبل، ففي إطباقهم على الإعراض عنه دليل على أنهم لم يجدوا سبيلًا إليه، إذ لو كان لنُقل وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عند تحويل القبلة وقالوا: ما ولَّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها كما حكاه الله عنهم] اهـ.