حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة أهداف هلامية يجب أن تتحقق لوقف الحرب علي غزة، وهي تحريرالرهائن الإسرائيليين لدى حماس والمجموعات الفلسطينية المسلحة ،والقضاء على حماس والتحقق من أن غزة لن تشكل تهديدا مستقبليا للمجتمع الإسرائيلي.
ومنذ ما يقرب من العام وحتى الأن ولم تنجح إسرائيل في تحقيق أيا من تلك الأهداف، فمتى يقرر نتنياهو وقف الحرب وهل هو مستعدا لتحمل نتائجها أمام الداخل الإسرائيلي و المجتمع الدولي.
فأي إنهاء للحرب معناه ملاحقة قضائية لرئيس وزراء إسرائيل في قضايا فساد ، أضافة إلي المحاسبة علي الفشل الأمني في احداث السابع من أكتوبر،اذنا فمصيره ومستقبله السياسي مرهون بأطالة العدوان علي غزة ومنع انهيار ائتلاف حكومته التي تعاني إنقسامات كبيرة.
ورغم التنديد العالمي لما يحدث في غزة من انتهاكات تدخل تحت بند جرائم الحرب والإبادة إلا أنها لا تمثل سوي تصريحات فقاعية لإرضاء الرأي العام الدولي علي المستوي الشعبي، لكن الوضع علي أرض الواقع داخل المعادلة الصفرية.
وهذا ما بدت عليه واشنطن مؤخرا رغم كونها الحليف الدائم للدولة العبرية، بتصريحات ضاغطة ومستنكرة ، لموقف رئيس وزرائها إلا أنها لم تتوقف للحظة واحدة عن دعم تل أبيب عسكريا وسياسيا ،بمنع أي إدانة دولية أو قرار أممي ضدها.
الموقف الأوروبي لم يختلف كثيرا ،رغم أعتماد عددا من الدول الأوروبية موقفا مناهضا للمجازر ضد الفلسطنيين ،إلا أنها لم تسطع اتخاذ قرارات إدانة ،بسبب سياسات الأتحاد الأروربي التي تستلزم موقفا موحدا بإجماع كل الدول الأعضاء فيه.
مواقف دعمها ظرف زمني مع أقتراب الأنتحابات الأمريكية التي أعطت قبلة الحياة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يحاول اللعب علي عامل الوقت ، بأطالة أمد الحرب لكسب الوقت أملا في وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب المؤيد تاييد مطلق غير مشروط لاطماع اسرائيل التوسعية، وبالتالي يصبح السؤال عن اليوم التالي لإنهاء الحرب علي غزة والذي يرفض نتنياهو الأجابة عليه حاليا متاحا.
حيث يصبح صياغة سيناريو اليوم التالي للحرب أسهل أيسر مع وصول السيد الجديد للبيت الأبيض والمنكر لحقوق الشعب الفسطيني.
ورغم محاولات الدايمقراطيين تخطي تلك المرحلة المأزومة والمحسوبة عليها من جانب في لحظة مفصلية فارقة في الشرق الأوسط ، ومع قرب الأنتخابات الأمريكية من جانب أخر ، وانشغال الداخل بالماراثون الدراماتيكي ،بعد أنسحاب بايدن لصالح كامالا هاريس، وأشتعال المنافسة بينها وبين الجمهوري دونالد ترامب، أصبح التعامل مع قضية الحرب علي غزة بمثابة السير علي حبل مشدود ،لما له من انعكاسات علي اتجاهات التصويت للرأي العام الأمريكي .
ولاحل سياسي يلوح في الافق، فبعد عشرات الجولات من المفاوضات التي قام بها الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة ، ومع كل وصول لاتفاق علي وقف إطلاق النار ، يتم التصعيد مجددا بافتعال أحداث تتجاوز الخطوط وقواعد الاشتباك ،وهو ما حدث بعمليات اغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر ضاحية بيروت الجنوبية، واسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران ، والذي كان من الممكن أن يخرج عن نطاق السيطرة المحسوبة ويهوي بالمنطقة لحرب اقليمية شاملة.
واستفزازت اقليمية الهدف منها تأجيج الصراع لإعادة خلط الأوراق مرة أخري و تصدير صورة للدولة العبرية في مشهد السابع من اكتوبر بأعتبارها مجني عليها وفي موقع المدافع عن وجودها ،والتي تحطمت بالجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل .
وأخيرا وفي محاولة فاشلة لتشتيت الرأي العام الداخلي بعد الأخفاق في انقاذ المحتجزين الستة لدي حماس الذين تم العثور عليهم أموات ، أطل علينا نتنياهو بتصريح مهترئ حاول فيها الزج باسم مصرلتشتيت وعرقلة جهود الوساطة للوصول لأي اتفاق لوقف اطلاق النار وتبادل الأسري.
تصرحات رئيس الوزراء المترهل سياسيا والمازوم قضائيا لن تكون الأخيرة في سياق الرغبة المحمومة للبقاء سياسيا ، وتبرير استمرار عدوانه علي غزة ، فهل يكون الحل من الداخل وهل تاخد احتجاجات تل أبيب بعدا اخر بعد ما أصبح التهديد الأكبر لها هو رئيس حكومتها وليس حماس .