تصريحات خاصة عن أحوال السينما المصرية وما تمر به من تراجع أدلى بها وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو قبل ساعات، وصفها بصورة مهذبة بأنها “ليست في أفضل حالاتها”، ولكن ربما الوصف الأدق هنا أنها متردية، تجاهد من أجل الظهور بصورة مشرفة محليا وعالميا، في الوقت الذي نرصد فيه تطورا لافتا لعدد من سينمات الدول العربية والإفريقية.
قال الوزير إن الأزمة تأتي على صعيد الكتابة، ما أوجد صعوبة في بعض السنوات في إيجاد فيلم واحد لترشيحه للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي، وهو جرس إنذار يعكس مدى البؤس الذي أصاب أعرق وأهم سينما في المنطقة.
“جمال الأفلام المصرية في حقبتي الخمسينيات والستينيات أن من كتبوها قامات أدبية وفكرية أمثال عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف السباعي ونجيب محفوظ، أما الآن فلدينا أزمة كبيرة في الورق”.. هكذا قرر وزير الثقافة أن يلخص الأمر، ولكني أرى أيضا أنها معضلة تخص مدى الثقافة السينمائية التي بات يتمتع بها كثير من الممثلين أبناء الجيل الحالي، وجرأتهم في التصريح بأنهم لا يشاهدون التليفزيون أو أفلام السينما العالمية وكيفية ملاحقة التطور الذي يضرب في كافة أقسام الفيلم.
تصريحات الوزير التي تخص متابعته للسينما وقراءته للنقد السينمائي، تشير إلى اهتمامه بواحد من أهم الملفات على مكتبه، خاصة بعدما أكد أحمد فؤاد هنو أن كثيرا من الأفلام التي تنتج “لا تصلح وليس لها حبكة على الإطلاق”، وهو ما يضعنا أمام مواجهة حقيقية مع أنفسنا حول مستقبل هذا الفن والإرادة التي يمكن أن تغير في جودته مستقبلا.
في عام 2016 تم تأسيس الشركة القابضة للاستثمار في المجالات الثقافية والسينمائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها إدارة واستثمار أصول السينما التابعة للدولة، لكنها لم تحقق أي مردود يذكر، وهو ما أكد عليه الوزير، مستنكرا تراكم المديونيات عليها، فغدت تحتاج إلى إعادة هيكلة، في الوقت نفسه الاستعانة بخبرات أكثر شبابا في تقديم رؤى مغايرة تحاكي ما يحدث من تطور وازدهار على المستوى العالمي.
صحيح أن عدد الأفلام التي تم إنتاجها خلال عام 2023 زاد على الـ60 فيلما في مقابل 51 عام 2022، أغلبها أعمال تجارية، قليل منها استطاع التحليق خارج السرب، والمضي قدما نحو آفاق مبتكرة من الخيال، خارج المنظومة السينمائية الاستهلاكية، ربما في تأسيس قطاع كامل خاص بالسينما داخل وزارة الثقافة إيجاد التأثير والتغيير المنشودين خلال السنوات القليلة المقبلة.
ويشي ارتفاع إيرادات بعض الأفلام المصرية في دور العرض بشغف حقيقي لدى الجمهور وتعطش لأي عمل جيد الصنع، كما نجحت تجارب أخرى في الحصول على شرعية دولية مؤخرا، سواء بالمشاركة في مهرجاني كان وفينيسيا داخل مسابقات رسمية، بل والحصول على إشادة لا بأس بها.
وتدخل لجنة اختيار الفيلم المصري المرشح للأوسكار قريبا الإختبار والإبتلاء العسير، حيث قررت في السابق حجب إرسال أي اسم، لإلقاء الضوء على الوضع المخجل للسينما المحلية، في عدم القدرة على المنافسة دوليا، فهل تنجح في إيجاد عمل جيد، يليق بتمثيل السينما المصرية في المحفل الدولي المرموق هذا العام؟ّ!