ينتظر 63 مليون مواطن يستفيدون من منظومة الدعم، الموقف النهائي للحكومة من تحويل الدعم العيني إلى الدعم النقدي اعتبارا من العام المالي المقبل، وقد كثرت التكهنات بشأن آليات وخطط الحكومة لتحويل الدعم من العيني إلى النقدي، وكيفية حساب الفئات الأولى بالرعاية.
ووفق دراسة نشرت عام 2017ـ تحت عنوان: (إصلاح منظومة الدعم وانعكاساته على سوق الصرف الأجنبي في مصر)، يعبر الدعم عن ميزة مالية تقدمها الدولة، تتحمل من خلالها عبئا ماليا لصالح فئات معينة في المجتمع، بما يمكن هذه الفئات من شراء عدد من السلع الضرورية بأسعار أقل من أسعارها في السوق، (أسعار اجتماعية)، وذلك كأداة لإعادة توزيع الدخل لصالح الفئات محدودة الدخل في المجتمع.
وتقدم الحكومة دعما لعدد من السلع الضرورية (الخبز- الزيت - السكر)، بدأ تطبيقه منذ الحرب العالمية الثانية بهدف خفض نفقات المعيشة لفئات معينة تضررت من هذه الحرب كشكل من أشكال العدالة الاجتماعية، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المجتمع، وبسبب توسع الدولة في هذا الدعم بدأت منظومة الدعم في الاختلال سواء من حيث حجم المبالغ المدفوعة فيه أو بسبب وجود فئات لا تستحق هذا الدعم وتحصل عليه أو بسبب عدم وصول الدعم إلي مستحقيه.
تحويل الدعم العيني إلى النقدي
وافق مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، في يونيو الماضي، على مشروع الموازنة العامة للدولة، للعام المالي الجديد 2024 / 2025، وخصصت الحكومة في الموازنة الحالية نحو 297 مليارًا و806 ملايين جنيه للدعم السلعي، بزيادة قدرها 46 مليارًا و142 مليون جنيه عن المخصص في موازنة 2023 / 2024 والبالغ 251 مليارًا و664 مليون جنيه بنسبة زيادة 47%.
ووفق تصريحات لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فإنه قد يبدأ التحول من دعم السلع الأولية الأساسية إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو 2025، شرط حدوث "توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في جلسات الحوار الوطني".
كان أعضاء من مجلس أمناء الحوار الوطني، عقدوا الثلاثاء 6 أغسطس 2024، اجتماعات نوعية، لبدء جدولة أعمال قضية الدعم ووضع المحاور الرئيسية والفرعية الخاصة بمناقشة تلك القضية، تمهيداً لمناقشتها بمجلس أمناء الحوار، لإقرار الجلسات حولها خلال الفترة المقبلة.
عُقِد الاجتماع بحضور كل من المستشار محمود فوزي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، ووزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور جودة عبد الخالق، عضو مجلس الأمناء، والدكتور أحمد جلال، المقرر العام للمحور الاقتصادي.
وتم التطرق إلى شكل الجلسات والحضور، كما تم الاتفاق على أن تكون الجلسات على مرحلتين؛ المرحلة الأولى جلسات عامة بحضور متخصصين وخبراء، فضلاً عن ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والنقابيّة والأهلية باتجاهاتها المختلفة، وكل ذوي الشأن، والمرحلة الثانية تشمل جلسات مغلقة بحضور متخصصين وخبراء في هذا الموضوع، للخروج بالقرار، الذي يتناسب مع مصلحة المواطن المصري، مشيرين إلى ضرورة "توافر البيانات والمعلومات المتعلقة بكل ما يخص الدعم في مصر للإلمام بجميع جوانب القضية".
وقال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، الدكتور جودة عبد الخالق، إن الحوار يستعد لبدء مناقشة قضية الدعم خلال الفترة المقبلة، موضحا أنه تم عقد عدة اجتماعات نوعية "لوضع جدول أعمال جلسات المناقشة فضلا عن وضع المحاور الرئيسية والفرعية تمهيدا لمناقشتها، مؤكدا أن ملف الدعم موضوع جماهيري بامتياز يهم المواطن والحكومة".
فيما قدر رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فخري الفقي، قيمة الدعم النقدي المقترح بدلا من الدعم العيني بـ (200) جنيه للفرد شهريا، وقال في تصريحات يوم الأحد، إن الأسرة المكونة من 4 أفراد سوف تحصل شهرياً على 800 جنيهاً، حال التحول للدعم النقدي، مشيرا إلى "مناقشة الملف وتأثيره على رفع معدل التضخم في الحوار الوطني".
وقال مقرر لجنة الاستثمار الخاص والمحلي والأجنبي بالحوار الوطني، الدكتور سمير صبري، إن ملف الدعم مفتوح منذ السبعينات، فدعم المواطن بتقديم سلع وخدمات بأسعار مدعمة وهذا يسمى دعم عيني، كما أنه على مدار السنوات الماضية رأى بعض الباحثين والمختصين في علم الاقتصاد، أن هناك "إهدار في ملف الدعم".
وأضاف "صبري"، في لقاء مع برنامج "مصر جديدة"، تقديم الإعلامية إنجي أنور، المذاع على قناة "etc"، أن الدعم وصل اليوم إلى 636 مليار جنيه في موازنة 2024، كما أن التحول من الدعم العيني إلى النقدي يعد واحدة من الآليات لتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة، لافتا إلى أن المرحلة الجديدة من الحوار الوطني، فرصة سانحة لمناقشة تلك القضية، وقضايا أخرى عديدة بطلها المواطن، بهدف إيجاد توافق بين مختلف الفئات والمصلحة العامة، بالإضافة إلى توعية المواطن المصري بأهمية التحول وفوائده المحتملة.
وأوضح "صبري"، أنه سيتم عقد جلسات حوار بدعوة كل الأحزاب السياسية والشخصيات العامة وأساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين للنقاش وسماع الآراء المختلفة حول طبيعة الدعم وماهيته وكيفية وصوله إلى مستحقيه في أفضل صورة لرفع الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتضخم عن كاهل المواطن وخاصة الطبقات الأكثر احتياجًا.
اختتم "صبري"، أن الدعم له أنواع دعم سلع ودعم للخدمات، ودعم السلع هو الأكثر وهو حوالي 237 مليار جنيه، كما أن دعم الكهرباء 2 مليار جنيه، فأسعار الكهرباء لن تتحرك بشكل كبير، لكنها تتحرك طبقًا لسعر الصرف أو تغير أسعار التكلفة، فالزيادة بسيطة، وبترشيد استهلاك الأسرة المصرية ربما لن يشعر بها، أما المواد البترولية فدعمها حوالي 154 مليار جنيه، ومن يستفيد منها أكثر هو الفئة فوق المتوسطة، لكن هدف الدولة هو المواطن محدود الدخل المستحق للدعم.
ووفق دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، فقد تضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي للدولة منذ عام 2014 إعادة توزيع مخصصات الدعم، وبصفة خاصة من خلال تخفيض مخصصات الدعم العيني مقابل التوسع في تقديم المزايا الاجتماعية في صورة الدعم النقدي.