تصاعدت حدة التوتر على الحدود بين السودان وإثيوبيا، بعد احتدام الاشتباكات بين الجيش الإثيوبي وميليشيات فانو المتمركزة في إقليم أمهرة المحاذي لولاية القضارف السودانية، ما دعا السلطات إلى إغلاق معبر القلابات أمس الاثنين بعد تجريد الجيش الإثيوبي عن سلاحه.
اشتعال الحدود السودانية الإثيوبية
وكشفت وسائل إعلام سودانية نقلا عن مصادر عسكرية أن سلطات ولاية القضارف شرقي السودان نشرت تعزيزات عسكرية على معبر القلابات الحدودي مع إثيوبيا، إثر اشتداد المعارك بين الجيش الإثيوبي ومتمردي مليشيا فانو بالقرب من الحدود.
واتخذت السلطات في ولاية القضارف قرارا باستمرار إغلاق معبر القلابات ونشر تعزيزات عسكرية، إلى جانب اتخاذعدداً من التحوطات الأمنية والصحية على الحدود السودانية مع إثيوبيا.
وأفادت المصادر ذاتها برصد تحركات عسكرية على طول الشريط الحدودي الممتد بين السودان وإثيوبيا لمسافة 265 كيلومتراً، خاصة عند المستوطنات الإثيوبية داخل الأراضي السودانية، حيث لا يزال مزارعون إثيوبيون يستغلون أراضٍ زراعية.
مواجهات مسلحة في أمهرا
وأوضحت صحيفة سودان تريبيون، نقلا عن شهود عيان في منطقة القلابات السودانية، فقد كان بالإمكان سماع دوي المدافع داخل العمق الإثيوبي المتاخم لحدود السودان.
وبدأت الأزمة، أمس الثلاثاء في منطقة كوكيت الإثيوبية، التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن القلابات السودانية، معارك عنيفة بين مليشيا فانو الأمهرية والجيش الإثيوبي باستخدام الأسلحة الثقيلة.
ودفع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بتعزيزات عسكرية من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عبر الطيران الحربي الإثيوبي إلى محافظة شهيدي، ومنها توغلت التعزيزات نحو منطقة كوكيت وهاجمت مليشيا فانو باستخدام المشاة والمدفعية.
وبحسب الشهود، سادت حالة من الرعب والخوف بين سكان المتمة الإثيوبية المحاذية للقلابات السودانية.
وكشفت مصادر محلية لسودان تربيون عن فرار المئات من كوكيت الإثيوبية نحو الأراضي السودانية خوفاً من المعارك الدائرة حالياً بين الطرفين.
وتتهم حكومة آبي أحمد مواطني كوكيت والمتمة في إثيوبيا بالانحياز إلى مليشيا فانو المتمردة.
معبر القلابات
وقالت صحيفة "سودان تريبيون" السودانية، إن ميليشيات فانو سيطرت على معبر القلابات بين ولاية أمهرة الإثيوبية وولاية القضارف السودانية، بعد اشتباكات مع الجيش الإثيوبي، جردوا بعدها من أسلحتهم وسمحت السلطات السودانية بدخولهم إلى ولاية القضارف، في مقابل سماح ميلشيات فانو بدخول اللاجئين السودانيين إلى ولاية أمهرة.
وأشارت "سودان تريبيون" نقلا عن مصادر مطلعة "إلى أن مليشيات فانو سيطرت بالفعل على المتمة الإثيوبية والمعبر الرابط بينها والسودان وفق ترتيبات عسكرية لقطع إمدادات السلع الغذائية والوقود القادمة من السودان لإقليم الأمهرا لإحكام السيطرة العسكرية وإعلان سيطرة فانو الكاملة على إقليم الأمهرا".
اللاجئين السودانيين في إثيوبيا
وفي سياق متصل،قال لاجئين سودانيين في مخيم استقبال بالقرب من منطقة المتمة لـ"راديو دبنقا" السوداني إن الاضطرابات العسكرية تسببت في انقطاع المياه والطعام لليوم الثاني على التوالي.
وأضاف أحدهم أن المخيم خال تماما من المياه، "ولا يوجد مصدر للمياه في المناطق المجاورة" ولا يمكن الوصول إلى مصدر المياه الوحيد في متمة حيث تشهد البلدة "قتالا عنيفا بين الحكومة الإثيوبية وميليشيات فانو، مما أدى إلى إغلاق جميع المحلات التجارية".
وأشار إلى أن منظمات الإغاثة غير قادرة على توفير مياه الشرب والطعام بسبب تدهور الوضع الأمني.
وأضاف اللاجئ أن "ميليشيات فانو وصلت إلى معسكر الاستقبال في ميتيما أمس بحثًا عن رجال الشرطة، لكنهم لم يجدوا أيًا منهم"، وأضاف اللاجئ أن "الشرطة الإثيوبية انسحبت من جميع المعسكرات في يوليو بعد هجوم على مركز الشرطة بالقرب من معسكر كومير أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بينهم".
وقال المصدر إن معسكر الاستقبال بالقرب من ميتيما يأوي مئات اللاجئين وعاد العديد منهم إلى السودان.
وأفادت حكومة القضارف أمس الأول الأحد أن 2716 لاجئًا سودانيًا عادوا من إثيوبيا تم إيواؤهم في مخيم إيواء في بلدة القلابات.
وزار والي ولاية القضارف بالإنابة الفريق أول محمد أحمد حسن القلابات الأحد الماضي وقال إن العائدين يعيشون ظروفاً غير إنسانية في مخيم الإيواء، وأن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمجلس النرويجي للاجئين ينقلون الراغبين في العودة إلى ديارهم أو إلى أقاربهم في مناطق آمنة.
ويشكو السودانيون الذين فروا من العنف في بلادهم ولجأوا إلى الحدود في إثيوبيا من انعدام الأمن في المنطقة منذ البداية.
وفي أغسطس من العام الماضي، نظم نحو 6 آلاف لاجئ سوداني نجوا في المخيم المؤقت في غابات أولولا في أمهرة مظاهرات مطالبين بتوفير الغذاء والأدوية.
كما طالبوا بالحماية من الهجمات المتكررة من قبل قطاع الطرق المحليين (الذين يطلق عليهم اسم "شفتا" في المنطقة).
وبعد إقامة اعتصام احتجاجي في مايو من هذا العام ضد استمرار انعدام الأمن في أولالا، قرر حوالي 2500 لاجئ بعد ثلاثة أشهر العودة إلى السودان.
وبما أنهم لم يكن لديهم الوسائل لدفع تكاليف النقل، فقد ساروا إلى الحدود.
واتفقت حكومة ولاية القضارف مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على إنشاء ثلاثة مخيمات في بلدة القلابات الحدودية لاستقبال السودانيين العائدين.
في الأول من أغسطس من العام الماضي، اندلعت حرب شاملة بين ميليشيا فانو والجيش الإثيوبي في أمهرة.
وسرعان ما أصبحت "أخطر أزمة أمنية في إثيوبيا منذ انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت عامين في منطقة تيجراي، المجاورة لأمهرة، في نوفمبر 2022".
ودعت هيومن رايتس ووتش في أبريل من هذا العام إلى إجراء تحقيق مستقل من جانب الأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش الإثيوبي في أمهرة.