"الإنسان ابن بيئته، وما البيئة إلا مرآة تعكس ما بداخل الإنسان." - يوضح هذا المثل الشعبي أن كل شخص يعتبر ابنا لبيئته التي نشأ فيها، حتى ولو كان يتصف بصفات معينة تؤثر على شخصيته، فلا شك أن البيئة التي نشأ فيها وطريقة تربيته تؤثر بشكل كبير على شخصيته وتكوينها وتضيف إليه سمات معينة . . . على سبيل المثال، الشخص المتدين الذي نشأ في بيئة متحررة أو تسمح بالحرية سيكون إنسانًا متحررًا حتى ولو كان متدينًا . . . والشخص غير المتدين الذي نشأ في بيئة منغلقة سيكون متحفظًا ومنغلقًا بطبعه حتى ولو لم يكن متدينًا.
عوامل كثيرة تُكوّن شخصية الإنسان . . . بيئته التي نشأ فيها والتي تشمل العادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة . . . طريقة تربية الأهل له وما يزرعونه فيه من قيم ومبادئ منذ الصغر . . . التجارب الحياتية التي خاضها أو التي سمع عنها من غيره . . . برجه الفلكي وبرجه الصاعد لحظة ميلاده . . . مستوى التعليم الأكاديمي والقراءة والتثقيف الذاتي . . . العوامل الوراثية والجينية من صفات نفسية مكتسبة كالانفعالات والاستعدادات المزاجية كالميل للانطوائية أو الاجتماعية . . . معتقداته الدينية التي يعتنقها ومدى تمسكه بها أو تفاعله معها.
من هنا تختلف نظرة كل إنسان للحياة عن غيره من البشر . . . تختلف أيضًا مقاييسه لأشياء كثيرة في الحياة، كالنجاح والسعادة . . . قد يعتبر نجاحنا في نظر غيرنا فشلًا، وقد يعتبر نجاح غيرنا في نظرنا فشلًا . . . السعادة قد يراها البعض مادية ويراها البعض الآخر معنوية . . . حتى في ردات أفعالنا نختلف عن غيرنا من البشر . . . هناك من يرد بالصمت والتجاهل، ومن يرد بالجدال والمناقشة، ومن يرد بالغضب . . . رغم إختلاف المواقف والظروف التي تشكل ردات فعل الفرد، إلا أن البشر قد يختلفون في ردات فعلهم في نفس الموقف ونفس الظروف.
وفي النهاية، يبقى التفاعل بين العوامل المختلفة التي تشكّل شخصية الإنسان عملية معقدة ومتشابكة . . . تتفاعل فيها الوراثة مع البيئة والتجارب الشخصية لتنتج فردًا فريدًا بصفاته ورؤيته للحياة . . . هذه التباينات تجعل من كل شخص كيانًا مستقلًا، يملك مقاييسه الخاصة ومعاييره التي قد تتقاطع أو تختلف مع الآخرين . . . مما يزيد من تنوع المجتمع الإنساني وتعدد زوايا النظر للأمور.