يكثر البحث عن وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يعتقد الكثيرون أن في يوم الاثنين الـ 12 من ربيع الأول كان ميلاد النبي وكان يوم وفاة النبي .
وفاة النبي محمد هل كانت 12 ربيع الأول؟
جاء في سؤال لـ دار الإفتاء المصرية، نصه: هل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولد وتوفي في يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول؟، لتؤكد أنه نعم، على أرجح الأقوال.
ورأى العلماء أن وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بالتاريخ الميلادي وقعت في الثامن من يونيو، وكانت وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين الموافق 12 من ربيع الأول، في العام الحادي عشر هجريًا، وهو ما يوافق عام 633 ميلاديا يوم 8 يونيو، وكان عُمره 63 عامًا.
واختلف العلماء في تحديد عمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم عند وفاته، فصح حديث روي عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وهو ابن ثلاث وستين». (رواه البخاري: 4466)، وفي حديث آخر عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين». (رواه مسلم: 2353)، ووردت رواية عن أنس -رضي الله عنه-: «أنها ستون سنة». (رواه البخاري: 5900).
وقال الإمام النووي -رحمه الله-: «توفي -صلى الله عليه وسلم وله ثلاث وستون سنة، وقيل: خمس وستون سنة، وقيل: ستون سنة، والأول أصح وأشهر، وقد جاءت الأقوال الثلاثة في الصحيح».
وعن اختلاف عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث السابقة، ذكر الإمام النووي: قال العلماء: «الجمع بين الروايات أن من روى ستين لم يعد معها الكسور، ومن روى خمسًا وستين عدّ سنتي المولد والوفاة، ومن روى ثلاثًا وستين لم يعدهما، والصحيح ثلاث وستون».
وكانت وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، في حجرة السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وقُبض صلى الله عليه وسلم- ورأسه على فخذ عائشة رضي الله عنها، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
وفي ضحى يوم الاثنين 12 من ربيع الأول، بدأ احتضار النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان بجوار السيدة عائشة -رضي الله عنها- فأسندته إليها، وكان موته في بيتها، وفي حِجرها، وعند اشتداد سكرات الموت عليه أقر -عليه الصلاة والسلام- أن للموت سكرات، فرفع إصبعه وشَخِص بصره للأعلى، وسمعت عائشة منه كلماتٍ فأصغت إليه، وإذ به يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ»، وقد كرّرها ثلاثًا قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى.
متى ولد النبي محمد؟
ولد النبى المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- فى يوم الاثنين بلا خلاف، والصحيح أن ذلك كان وقت طلوع الفجر، والراجح الذى عليه الأكثرون من المؤرخين وأهل العلم: أن مولده صلى الله عليه وآله وسلم كان لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وهذا هو الذى جرى عليه عمل المسلمين عبر العصور فى احتفالهم بذكرى مولد الحبيب المصطفى والنبي المجتبى -صلى الله عليه وآله وسلم-، وكان ذلك فى عام الفيل، فى السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية الشريفة، وكانت ولادته فى شعب أبى طالب بمكة المكرمة.
وروى الإمام مسلم فى «صحيحه» عن أبى قتادة الأنصارى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت -أو أنزل علي- فيه»، وقال الإمام محمد بن إسحاق -كما حكاه عبد الملك بن هشام "السيرة النبوية" (1/ 158، ط. الحلبي)-: [ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين، لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل]، وقال الحافظ ابن كثير فى "البداية والنهاية" (3/ 374، ط. دار هجر): [وهذا ما لا خلاف فيه أنه ولد صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين.
الجمهور على أن ذلك كان فى شهر ربيع الأول؛ فقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: لثنتى عشرة خلت منه؛ نص عليه ابن إسحاق، ورواه ابن أبى شيبة فى "مصنفه" عن عفان، عن سعيد بن مينا، عن جابر وابن عباس رضى الله عنهما أنهما قالا: "ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الفيل، يوم الاثنين، الثانى عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات". وهذا هو المشهور عند الجمهور].
واتفق الفقهاء على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وُلِد في يوم الاثنين، واتفقوا أيضًا أنه وُلد في عام الفيل، ورجَّح جمهور العلماء أنه ولد في شهر ربيع الأول. واختلف الفقهاء في رَقْم ذلك اليوم الذي وُلد فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من شهر ربيع الأول، ونقل الحافظ ابن كثير، العديد من الأقوال المتباينة في تحديد ذلك اليوم؛ فذكر منها: اليوم الثاني، واليوم الثامن، واليوم العاشر، واليوم الثاني عشر، واليوم السابع عشر، واليوم الثاني والعشرين. وحسمت دار الإفتاء المصرية الجدل في رقم يوم ميلاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: ذكرى المولد النبوي الشريف - على الرأي الراجح - يوم 12 ربيع الأول.
الاحتفال بالمولد النبوي
الاحتفال بميلاد الرسول الكريم عمل من الأعمال الجليلة، ومظهر من المظاهر الطيبة، وبرهان يتجلى فيه حب هذه الأمة لنبيها وتعلقها برسولها الكريم صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم فرصة من أسعد الفرص، نتدارس فيها تاريخ النبي الكريم وسيرة الرسول الأمين، ونقف منها على كثير من أقواله وأعماله وآثاره.
وقالت الإفتاء إن الاحتفال بهذا اليوم العظيم يعبر عن معاني الوفاء منا نحن المسلمين، ويرسم لنا معالم القدوة كما يذكرنا بأرفع القيم وأسمى المبادئ التي أرسى دعائهما سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن أكبر النعم على الإنسانية كلها إن لم تكن أكبرها ميلاد الرسول الكريم الذي أرسله ربه رحمة للعالمين، فلا ينبغي أن تمر علينا ذكرى الميلاد والرسالة دون أن نعطيها حقها.
واحتفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذكرى مولده وبعثته تعبُّدًا لله تعالى؛ فقد جاء في الصحيح أنه سُئل عن صوم يوم الإثنين؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ- فِيهِ» رواه مسلم.
خير احتفال بهذه الذكرى هو الاقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والسير على هداه، والأخذ بتعاليمه، وتأسي خُطاه، واتباع ما جاء به وحيًا عن ربه من قيم ومبادئ سامية؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].