قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

كريمة أبو العينين تكتب: وتسقط النقاط عن الحروف

×

فى هذا العالم الواسع الآفاق لابد ان تتقبل كل شىء بل وتقنع نفسك بأنه حقيقى ومتفق عليه ؛ وماعليك سوى مواصلة السير فى ركب عالم جُمعت كلماته وأصبحت بلا نقاط على حروفها ، وكل من فى هذا الكون عليه أن يقرأها وفق هواه ومصالحه .

ما يمر به واقعنا والواقع العالمى يعيدنا الى مادار بين فقيه وأحد مريديه عندما سأله " معلمى وسيدى هل نستطيع قراءة الجمل بلا نقاط عليها ؟"


ضحك المعلم وقال له " اذا اضطررت لذلك فأقرأ ماينجيك ويخرجك من ظلمات القوم الى نور الله والى الحق والحقيقة " فقال له تلميذه " وهل سأستطيع حينها أن أقاوم وأعيد الى الكلمات نقاطها ؟"
تبسم المعلم ضاحكا وقال الخير والشر باقيان ومن رابط على حق وصل لمراده حتى ولو مات مدافعا عنه "


حوار المعلم ومريده والذى مضى عليه عقودا طويله وربما قرن كامل ماهو الا مردود لعالمنا الحالى ومانشهده فيه من نواقض ومتغيرات ، جعلتك تتخبط بين مفاهيم وموروثات وقيم أخلاقية وبين ماتعيشه وتتعايش فيه مرغما أو راضيا ، ثمة طوفان يسعى بكل قوته لاجتثات ماتبقى من موروث ثقافى وبنيان حضارى ، جهات عدة تحكم قبضتها على المجتمع الدولى وتوجه قصفها وباحكام الى منطقتنا العربية وتخلخل كل مافيها من قيم وعادات وتقاليد ، لست بحاجة لأن تقتنع بما أقوله أو تصدقه فكل ماعليك فعله أن تتجول فى الشوارع وترى بأم رأسك واقع لم يكن قائما منذ فترة ليست بالطويلة ؛ ان لم تتجول وتسمع وترى فانظر الى هاتفك وتصفح مافيه لترى العجب العجاب ، وترى من هم على القمة ومن فى عداد النسيان على الرغم من تميزهم العلمى والاجتماعى ، على نفس الجهاز توسع أكثر وتمدد اقليميا وعالميا لترى حقيقة العالم الذى تعيشه الذى صار يبحث عن المال والشهرة بأى طريقة وبكل الاساليب . فى عالمنا الحالى لم تعد قيم العيب والحلال والحرام كما نعرفها وتعلمناها بل صارت هناك مفاهيم أخرى تبتلع عبارات آمنا بها وتعلمناها وحاولنا أن نعلمها لأبناءنا جاهدين ولكنهم لم يستطيعوا التأقلم بين ماعلمناه لهم وبين واقعهم الذى رأى فى قيمنا رجعية وتخلف وجمود ، نفس العالم الذى ينظر الى المجتمعات الشرقية ويصفها بالجامدة والبعيدة عن ركب التحضر لن تقوم نامية او متخلفة ، هو نفسه الذى استحل انتهاك القيم الانسانية وضرب بالقوانين الدولية والشرعية الدولية عرض الحائط وغض بصره عما فعلته القوات الانجلو امريكية فى العراق وليبيا وسوريا واليمن ؛ والان يواصل نفس النهج فى غزة ويمد المحتل بكل ماأوتى من قوة ليقتل اطفال ونساء ورجال كل جرمهم انهم يبحثون عن الحرية وعن وطن مستقل آمن من بطش جبابرة القرن الا وهم بنو اسرائيل واعوانهم وداعميهم.

المجتمع الدولى الحالى يعيش مرحلة تحدث عنها الكاتب الروسى العالمى انتون تشيخوف عندما سئل عن طبيعة المجتمعات الفاشلة فقال " فى المجتمعات الفاشلة يوجد ألف أحمق مقابل كل عقل راجح ، وألف كلمة خرقاء إزاء كلمة واعية ، تظل الغالبية بلهاء دائما وتغلب العاقل باستمرار ، فاذا رأيت الموضوعات التافهة تتصدر النقاشات ويتصدر التافهون المشهد فأنا تتحدث عن مجتمع فاشل بامتياز . وقياسا على ماقاله تشيخوف فالاغاني والكلمات التى لامعنى لها تجد ملايين المتابعين يرددونها ويصبح صاحب هذه الاغنية او تلك مشهورا ومعروفا ومحبوبا؛ بل انه قد يصبح قدوة ويتم استضافته فى المحافل الاعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي ليقول رأيه فى شئون المجتمع والحياة جمعاء . وفى المقابل فان العلماء والكتاب والمؤلفين والمؤرخين لايعرفهم احدا ، وان شئت الدقة يعرفهم أقاربهم وجيرانهم وتلامذتهم . التقدير ليس من نصيبهم بل من نصيب هذه الفئة المفروضة على المجتمع وتتمتع بشعبية كبيرة وعريضة ومؤثرة .

علماء النفس والاجتماع يفسرون ذلك بأن معظم الناس يحبون التفاهات ويجنحون الى التخدير للهروب من واقعهم وتصديق ان مايعيشونه هو الافضل ، فالغالبية تجنح الى تصديق واتباع شخص يخدرها لأنه بالفعل غيب التفكير واراح العقل من ضراوة تأثير الفكر والتعقل ، وبالطبع الغالبية تجد فى الشخص الذى يقوم باضحاكها بما يسرده من تفاهات شخصا اكثر راحة من الاخر الذى يحاول ان يضعها على الطريق الصحيح ويوقظ فيها قيم واخلاق وموروثات صحيحة ومؤثرة ، هذه المفارقات تؤكد مقولة ديكارت بأن الديمقراطية لاتصلح للمجتمعات الجاهلة لأن الاغلبية الجاهلية هى التى ستحدد مصيرك .

تبا لمجتمع دولى يواصل جهودا من مئات السنين لسلب الشرق كل ماهو جميل فيه ، المجتمع الدولي على يقين بأن ثرواتنا الطبيعية التى هى مراده ومبتغاه لن يحصل عليها الا بخلق جيل يؤمن بالتبعية ليس للغرب الناجح المتقدم ولكن لكل مافيه من مساوئ لتجعل كل ماهو شرقى يصبح مقتنعا بالغرب ويتنصل من جذوره وقيمه وأخلاقه ليكون غربيا فى بلاد الشرق، مغتربا فى وطنه ، مواليا لاخرين يتعاملون معه تعامل الشيطان عندما قال لاحد محبيه من البشر " أكفر ولما كفر قال له انى برىء منك انى اخاف الله رب العالمين".