ينفطر قلبي من تخيل السيناريو الأسود، الذي قد ينتظر الضفة الغربية التي يسكنها نحو 3 ملايين فلسطيني خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تتم السيطرة على دائرة العنف وتحجيم العدوان الاسرائيلي المزدوج من قبل قوات الاحتلال من ناحية، ومن قبل مستوطنين تمادوا في اعتداءاتهم، ويجدون مساندة رسمية إسرائيلية من حكومة نتنياهو، ومن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير من ناحية أخرى.
الأرقام القادمة من الضفة الغربية، تشير إلى استشهاد نحو 625 فلسطينيا واعتقال نحو 4695 فلسطينيا وحدوث دمار واسع بمخيمات جنين وطولكرم واقتحامات في الخليل وغيرها، مع مشاهد مروعة لا تبشر بالخير، وبالتزامن مع إحصاء مقتل 18 إسرائيليا منهم جنود، واتهامات من جانب حكومة تل أبيب لإيران بتهريب الأسلحة لمجموعات مسلحة في الضفة الغربية، لاسيما حركة الجهاد، وإتهام حركة حماس كذلك بتأليب خلاياها النائمة في الضفة الغربية.
وبادىء ذي بدء، وحتى لا نكون في "مكلمة مع أنفسنا"، لايسمعنا أحد ولا نعي ما يحدث في العالم وما يدور حولنا، فالذي لا ينتبه له البعض ويدركون مغزاه، أن كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أراضي فلسطينية محتلة داخل دولة إسرائيل، أي بإمكان حكومة الاحتلال سواء الحالية أو السابقة أو القادمة، أن تنقض عليها بطائراتها وجنودها ودباباتها في أي وقت، وأن تقتحم أحياء ومدن سكنية وتقوم بتفجيرها ودمارها وتخريب البني التحتية والاعتداء على المدارس والمستشفيات والمرافق وغيرها، فيد الاحتلال تطول المدن والبلدات الفلسطينية دخل قطاع غزة وداخل الضفة الغربية.
- إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، فإنها تلملم أوراقها استعدادًا لمجىء إدارة امريكية جديدة، قد ترأسها كامالا هاريس نائبة بايدن، وهذه أعلنت في تصريح أخير، أنها لن تتوقف عن دعم إسرائيل أو استمرار تسليحها حال فازت بالرئاسة، أو ترامب وهو معروف بمواقفه الداعمة لتل أبيب.
-على أرض الواقع، فان الأمور تتدهور بسرعة ولا يمكن لعاقل فلسطيني أو عربي أن ينتظر تدميرا وحشيا ممنهجًا لمرافق الضفة الغربية وبنيتها التحتية وخسائر فادحة بشرية ومادية، جراء استمرار التوتر والاقتحامات الإسرائيلية في الضفة وهى الأكبر منذ 22 عاما.
-وأرى أن الحل لا يزال ممكنا، وأنه بالاستطاعة التوصل لتهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما سينعكس بدوره على التوتر في الضفة الغربية. فحرق الضفة الغربية ليس هدفا، وحياة الشعب الفلسطيني غالية ويمكن التحرك في مسارات بعينها وبشكل مكثف قبل انفلات الوضع، إلى ما لا يحمد عقباه في الضفة الغربية وكما حدث في غزة:-
-يجب تسريع وتكثيف التحركات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والمصرية على كافة الأصعدة وداخل مجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية، للتنبيه لخطورة جرائم الاحتلال في الضفة الغربية وتداعياته وضرورة وقف كل هذه الاعتداءات وصورها.
-ضرورة اتفاق الفصائل الفلسطينية، وفي المقدمة حماس على حتمية الوصول لهدنة لوقف إطلاق النار في غزة وتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية، والنظر إلى الأوضاع الدولية غير المواتية الان. واستغلال نتنياهو وورائه المتطرفين لذلك، وصب جام الغضب والحرب والدمار في كل من غزة والضفة الغربية.
- تحرك السلطة الوطنية الفلسطينية بأكبر مما حدث خلال الشهور الماضية، والسيطرة على الوضع في مدن وبلدات الضفة وإنقاذها، مخافة الانزلاق إلى حرب مستعرة بين المدنيين، وفي أحياء الضفة الغربية على غرار ما حدث في غزة.
-ويمكن كذلك التحرك بقوة لتوحيد الصف الفلسطيني وبالخصوص بين فتح وحماس. ففرقة الفلسطينيين تزيد مأساتهم وتزيد من عدوان حكومة الاحتلال، وتؤكد ما تردده تل أبيب من إنها لا تجد شريكا فلسطينيا يمكن الحديث معه في غزة.
وختاما.. ستبقى القضية الفلسطينية واحدة من الملاحم المؤلمة والكبرى، في عصرنا الحديث وخلال القرنين العشرين والـ21 ومهما، سلك هؤلاء من طرق أو تخبط هؤلاء في أودية، فإن حل إقامة الدولتين وإحلال السلام هو الحل الأوحد لوقف النزيف ودراما هذا الصراع. فكلا الطرفين بحاجة لوقف الحرب وسلام الشجعان من جديد والنظر للمستقبل.