كل صباحٍ جديدٍ يُعَدُّ فرصةً جديدةً يمنحها الله للإنسان ليُصلح ما أُفسِد بالأمس، وهذه ما تُسمى بنعمة الحياة التي لا تُقدّر بثمن. مما لا شك فيه أن استمرار حياة الإنسان يعني أن رسالته لم تنتهِ بعدُ على الأرض، أما الرحيل أو الموت الذي يُنهي العمر فيعني أن رسالته قد اكتملت.
ولأن العمر غير مضمون ولا أحد يعرف كم سيعيش، لذلك علينا أن نستمتع ونأنس ببعضنا البعض لأطول وقتٍ ممكن، لكي نشبع ممن نحب ولكي نختزن أكبر قدرٍ من الذكريات الجميلة التي تعيش مع من لا يزال لهم حياة، وتُخلِّد ذكرى من رحل إلى السماء وانتهت حياته الأرضية.
قيمة وجودنا كبشر في هذه الحياة نعمة عظيمة علينا أن نشكر الله عليها، لأن غيرنا قد فقدها، وكل يوم يفقدها الكثير من البشر. نسمع كل يوم عن حوادث، وفواجع، وأقدار إلهية خارجة عن إرادتنا تُودي بحياة كثيرين. هذه الأقدار هي رسالة لنا نحن الأحياء لكي نشكر الله على نعمة الحياة، ولكي نعي جيداً أن هذا هو مصيرنا جميعاً.
يجب أن يدرك كل إنسان منا أنه مخلوق من أجل رسالة معينة إلى جانب الهدف الرئيسي لخلقه، وهو عبادة الله وإعمار الأرض. رسالة كل إنسان منا مميزة عن غيره من البشر ومختلفة في مضمونها.
جميعنا رسل لبعضنا البعض، حتى الإنسان الشرير أو الفاسد يكون رسالةً لغيره من الأخيار بأن يتعظوا ولا يسلكون مسلكه. لم نخلق عبثاً أبداً، ولا نسير في الحياة بشكل عشوائي، وإنما نسير وفق أقدار الله المكتوبة عنده منذ الأزل بعلمه المسبق وكأننا كبشر جزء من قصة حياتنا المكتوبة عند الله منذ الأزل، بل وأبطالها الذين يبدأون بدايتها وينهون نهايتها.
علينا أن نحب الحياة ونعيشها بتفاؤل وفرح وإشراق، لأن العمر الذي يرحل لا يعود مرة أخرى.
علينا أن نستغل وجودنا ووجود من نحب من أحبابنا وأهلينا وأصدقائنا ومعارفنا ونتشارك أجمل اللحظات.
علينا أن ندرك قيمة وجودنا ونعرف أهمية رسالتنا ودورنا الذي خلقنا من أجله.
نسأل الله لنا ولمن نحب عمراً مديداً وأعمالاً صالحة مثمرة نستطيع أن نستغل عمرنا الطويل في القيام بها. قال رسول الله ﷺ: "خير الناس من طال عمره وحسن عمله" (رواه الترمذي).