في الصباح الهادئ ليوم 27 أغسطس 1896، اندلعت واحدة من أقصر الحروب في التاريخ، حيث بدأت وانتهت في غضون أقل من 38 دقيقة، تاركة وراءها أثرًا داميًا من 501 جنديًا قتيلًا أو جريحًا. هذه هي قصة الصراع المأساوي المعروف بالحرب الأنجلو زنجبارية.
أقصر حرب في التاريخ
تتجذر هذه الحكاية في عام 1890، بتوقيع معاهدة هيليجولاند وزنجبار بين بريطانيا وألمانيا، حيث تخلت ألمانيا عن زنجبار لصالح نفوذ بريطاني. ومن بين الخطط التي وضعتها بريطانيا لزنجبار كانت إلغاء نظام العبودية، ولكن هذا القرار أثار غضب التجار والطبقة الحاكمة، الذين قادهم سلطان زنجبار علي بن سعيد في مقاومتهم، حتى وفاته عام 1893.
فتحت هذه الأحداث الباب أمام بريطانيا لتعيين السلطان حمود بن ثويني، الذي كان يُعتقد أنه سيكون أكثر خضوعًا للحكم الإمبراطوري.
في الـ25 من أغسطس 1896، توفي حمود بن ثويني فجأة في قصره، ويرجح أن سبب وفاته كان تسميمًا بأوامر من ابن عمه، وفي وقت قياسي، تولى ابن عمه الأمير خالد بن برغش منصب السلطان وسيطر على القصر.
كان خالد بن برغش شخصية رمزية في المقاومة ضد التدخل الأوروبي في المنطقة، حيث انضم إليه حوالي 3000 من جنوده وأنصاره في القصر، وطالب الإنجليز بتنازلهم عن العرش لابن عمه حمود بن محمد.
وفي محاولة لتأكيد سلطتهم، قاموا بتجميع 900 جندي ونشر خمس سفن تابعة للبحرية الملكية في الميناء بالقرب من القصر.
أرسل الأدميرال هاري روسون تحذيرًا نهائيًا للسلطان، يطالبه هو وقواته بمغادرة القصر وتسليم السلاح بحلول الساعة التاسعة صباحًا، وإلا سيواجهون الحرب. وبيقين غريب، اعتبر خالد هذا التهديد فارغًا ورفض الاستسلام.
في الساعة التاسعة من صباح يوم 27 أغسطس 1896، أمر روسون السفن بفتح النار على القصر، الذي اشتعلت فيه النيران بسرعة.
وفي غضون 38 دقيقة فقط، انتهت الحرب بتدمير المدافع الدفاعية ومقتل 500 من رجال السلطان، بالإضافة إلى جرح جندي بريطاني في الاشتباك، في نهاية ذلك اليوم، وافق البريطانيون على تنصيب حمود بن محمد حاكمًا على العرش.
أما خالد بن برغش، فهرب من القصر واستعان باللجوء في القنصلية الألمانية، حيث ساعدته ألمانيا على مغادرة البلاد. لم يتم القبض عليه من قبل البريطانيين إلا في عام 1916، خلال الحرب العالمية الأولى.
وبعد التنازل عن مطالباته بالسلطنة، سمح له بالعيش في مومباسا حتى وفاته عام 1927. وتم إلغاء نظام العبودية في زنجبار عام 1897.