استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، الثلاثاء، رئيس الوزراء العراقي "محمد شياع السوداني"، الذي يقوم بزيارة رسمية لمصر، على رأس وفد حكومي عراقى رفيع المستوى، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
زيارة وفد حكومي عراقى لمصر
شهدت مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تبادل الرؤى بشأن سبل الخروج بالإقليم من الأزمات الخطيرة التي تعصف به وتهدد استقراره ومقدرات شعوبه، حيث توافقت الآراء بشأن ضرورة التهدئة وخفض التصعيد الإقليمي.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء تضمن الإعراب عن الارتياح للمستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات بين الدولتين، التي تستند إلى رصيد تاريخي كبير من الأخوة الصادقة والدعم المتبادل بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وحرص الرئيس، في هذا الإطار، على تأكيد دعم مصر الكامل لوحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه، وكذا دعمها لجهود تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية به، وتعزيز الروابط بينه وبين محيطه العربي، كما توافق الزعيمان على أن الظروف الراهنة تستوجب تكثيف العمل العربي المشترك، على المستويين الثنائي والجماعي، منوهَيْن في هذا الصدد إلى آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، ومؤكدَيْن مواصلة العمل على إنجاح مشروعاتها وتحقيق أهدافها، لتصبح نموذجاً للتعاون العربي والتكامل الإقليمي.
كما تطرق اللقاء إلى التباحث بشأن التعاون الثنائي القائم بين الدولتين، خاصة فيما يتعلق بالجهود الجارية لزيادة الاستثمارات المتبادلة والمشتركة، وكذا التعاون في مجالات البنية التحتية والتنمية العمرانية، والسياحة، والطاقة، والنقل والصناعة، بهدف الاستغلال الأمثل لموارد البلدين لما يحقق صالح شعبيهما الشقيقين، وقد أشاد رئيس الوزراء العراقي، في هذا الإطار، بما تمتلكه مصر من خبرات واسعة، ونجاحات مشهود لها، في تلك المجالات.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات شهدت تبادل الرؤى بشأن سبل الخروج بالإقليم من الأزمات الخطيرة التي تعصف به وتهدد استقراره ومقدرات شعوبه، حيث توافقت الآراء بشأن ضرورة التهدئة وخفض التصعيد الإقليمي، وأكد الزعيمان، في هذا السياق، ضرورة قيام المجتمع الدولي بالضغط المكثف لإتمام اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار بغزة، مشدِدَّيْن على ضرورة إنهاء المأساة الإنسانية التي يشهدها القطاع، والتوقف عن التصعيد الإسرائيلي المستمر بالضفة الغربية، مع ضرورة إطلاق مسار سياسي جاد، يضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقه، المشروع والعادل، في دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك هو السبيل المستدام لإرساء السلام والأمن والتنمية في المنطقة.
من جانبه، قال الدكتور إكرام بدرالدين، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مصر تهدف إلى مناقشة عدد من الملفات المهمة، وتأتي في إطار العلاقات القوية والمتينة التي تجمع بين مصر والعراق على المستويين الرسمي والشعبي.
وأوضح "بدرالدين" لـ صدى البلد، أن الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوثيقها، خاصة في ظل وجود وفد رفيع المستوى يرافق رئيس الوزراء العراقي، مما يعكس أهمية الروابط الاقتصادية والتنموية بين مصر والعراق.
وأضاف أن العراق يمكنه الاستفادة من الخبرة المصرية في مجالات البنية التحتية، والتنمية السياحية، والمدن الجديدة، وهي مجالات تمتلك فيها مصر خبرة واسعة، مشيرا إلى أهمية مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل التطورات المتعلقة بالأزمة الفلسطينية وما تشكله من تهديدات للإقليم.
وأكد أن مصر تلعب دورًا مهمًا في المنطقة، وتسعى لتحقيق الاستقرار في العراق ومنع حدوث أي خلافات أو صراعات داخلية، موضحا أن الموقف المصري يؤكد على ضرورة احتواء أي خلافات أو صراعات داخليًا وإيجاد حلول سياسية لها، وتعزيز العملية الاقتصادية والتنموية يسهم في تحقيق الاستقرار والتوازن داخل الدول العربية.
العلاقات المصرية العراقية
وشهدت العلاقات المصرية العراقية طفرة ملحوظة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وخاصة عقب الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي للعراق في 27 يونيو الماضي، للمشاركة في القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، مع مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي والملك عبدالله الثاني ملك الأردن، وذلك في إطار الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019.
وتحسنت العلاقات المصرية العراقية في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وهو ما جعل العلاقات المصرية العراقية تدخل في مرحلة جديدة من التعاون، ليتصدر الملف الاقتصادي المشهد في التعاون القائم بين مصر والعراق في عهد الرئيس السيسي.
ويميل الميزان التجاري بين مصر والعراق لصالح مصر، حيث حقق فائضاً خلال الفترة من عام 2005 وحتى اغسطس 2010، ويعود ذلك لقدرة مصر على نفاذ سلعها إلى الأسواق العراقية.
التبادل التجاري بين مصر والعراق ارتفع من 800 مليون دولار عام 2015 إلى 1.650 مليار دولار خلال عام 2018، وهو أكبر رقم للتبادل التجاري منذ عام 2003، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للاستعلامات.
كما بلغ حجم التجارة بين مصر والعراق خلال عام 2019، حوالي 486 مليون دولار، منها 479 مليون دولار صادرات مصر ية و7 مليون دولار واردات من العراق.
وخلال عام 2020 وصل حجم التبادل التجاري بين مصر والعراق، لـ 486 مليون دولار، تتوزع بين 479 مليون دولار صادرات مصرية و7 ملايين دولار صادرات قادمة من العراق، حسبما أفادت الهيئة العامة للاستعلامات.
في هذا السياق، قال الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريعي، إن العلاقات بين مصر والعراق تتميز بالعمق والتاريخية، مشيرًا إلى أن هناك تقاربًا كبيرًا بين شعبي البلدين وتوافقًا بين القيادات السياسية فيهما، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 386 مليون دولار في عام 2020، مضيفًا أن هذا الرقم قد يشهد زيادة مستمرة.
وأشار جاب الله إلى أن مصر تصدّر للعراق العديد من المنتجات مثل الأنابيب والمواسير والجبن المطبوخ، بينما تستورد منها منتجات بترولية والشوكولاتة وجميع منتجات الكاكاو ومكسبات الطعم، وتعد الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين، كزيارة رئيس وزراء العراق إلى مصر اليوم، تعزز عمليات التبادل التجاري، خاصة بعد توقيع البلدين على اتفاقية إنشاء منطقة تجارة حرة في 18 يناير 2021، والتي تهدف إلى تحرير كافة السلع ذات المنشأ الوطني من القيود الجمركية والعوائق التي تحول دون التبادل التجاري.
وأضاف أن هناك ملفًا آخر للتعاون بين مصر والعراق، حيث تم الاتفاق سابقًا على مبادرة "النفط مقابل الإعمار"، التي تنص على أن تحصل مصر على النفط العراقي مقابل تنفيذ شركاتها لمشروعات تنموية في العراق، مؤكدا أن زيارة رئيس وزراء العراق لمدينة العلمين الجديدة اليوم تعكس رمزية هذه المدينة كأحد رموز الإعمار والتنمية في مصر.