تسببت الفيضانات والأمطار الغزيرة في السودان، في كارثة كبيرة أدت إلى تشريد مئات الآلاف وتضرر خيام النازحين الفارين من القتال بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع، إلى جانب انتشار الثعابين والعقارب وانهيار سد "أربعات" الذي يبعد عن مدينة بورتسودان حوالي 20 كم.
انهيار سد أربعات
ويواجه السودان خلال الأسابيع الماضية أزمة كبيرة بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات في ظل تفشي وباء الكوليرا الذي أودى بحياة العشرات من أبناء الشعب السوداني الذي يعيش أزمة إنسانية مروعة جراء استمرار الحرب بين الجيش وميليشيات الدعم السريع منذ شهر أبريل 2023.
وكان لانهيار سد أربعات تبعات مدمرة أسفرت عن فيضانات وسيول جرفت في طريقها عدداً من القرى الواقعة حول السد، ما أدى إلى مقتل العشرات، في وقت تواجه فيه السلطات صعوبات جمة في الوصول إلى العالقين أو الذين صعدوا الجبال وتهددهم العقارب والثعابين.
ويعد سد أربعات، أحد مصادر المياه الرئيسية لمدينة بورتسودان التي أصبحت مركز الحكم في البلد العربي بعد اندلاع القتال بين الجيش السوداني وميلشيات الدعم السريع. وكانت بحيرة السد تسع لـ25 مليون متر مكعب،وكان سكان بورتسودان يعتمدون بشكل أساسي على المياه الجوفية المنتجة من الآبار في منطقة "أربعات" ومياه "خور أربعات"، بينما أنشئ "السد" في عام 2003 لحجز مياه الأمطار لاستخدامها في الموسم الجاف، ولم تُجرَ الصيانة الدورية له منذ أعوام عدة؛ ما سهل انهياره.
تشريد مئات الآلاف في السودان
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان "أوتشا" أصدر أمس الأحد بيانا كشف فيه عن تأثر 317 ألف شخص وتضرر 58 ألف منزل جراء الأمطار والسيول التي اجتاجت 60 منطقة في 16 ولاية.
ويرجح أن يشهد السودان في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر فيضانات الأنهر، في ظل توقع مرصد منظمة الإيجاد هطول أمطار أعلى من المعدل الطبيعي في كل مناطق البلاد التي عانت خلال هذا الشهر من السيول الجارفة.
وأوضح "أوتشا" في بيان له أن"317 ألف شخص يمثلون 56.450 أسرة تأثروا بالأمطار الغزيرة والفيضانات في 60 منطقة بـ 16 ولاية، منذ بدء موسم الخريف في يونيو".
وأفاد بنزوح 118 ألف فرد من مجموع الـ 317 ألف شخص الذين تأثروا، حيث تُعد ولاية شمال دارفور الأكثر تضررًا وفيها تأثر 76.095 فردًا، تليها نهر النيل والولاية الشمالية وغرب دارفور.
وأشار المكتب إلى أن الأمطار والفيضانات أودت بحياة 39 شخصا وأصابت 112 آخرين، فيما دمرت 26.918 منزلًا كليًا وسببت الضرر الجزئي لـ 31.236 منزلًا.
وذكر مكتب أوتشا أن خطر تفشي الأمراض ومياه الفيضانات الراكدة مرتفع في جميع الولايات المتضررة، فيما أكدت وزارة الصحة السودانية إصابة 556 فردًا بالكوليرا التي أودت بحياة 27 آخرين في ولايات كسلا والقضارف والجزيرة والخرطوم.
تدمير خيام النزوح ومخازن الغذاء
وقال إن الأمطار والسيول أتلفت 190 خيمة تأوي 950 نازحا في مواقع التجمع بمدينة كسلا، فيما تضررت 33 مدرسة في كسلا وريفي غرب كسلا وحلفا الجديد وريفي أروما مما حرم أكثر من 23 ألف طفل من الوصول إلى المرافق التعليمية.
وأكد على أن الأمطار ألحقت أضرارًا بالخيام والمراحيض وأنظمة الصرف الصحي وتسببت في فقدان مخزونات الغذاء، في ولاية البحر الأحمر.
انتشار العقارب والثعابين
وأفاد بأن السيول في الولاية الشمالية ونهر النيل أدت إلى انتشار واسع النطاق للعقارب والثعابين، ما فرض المزيد من المخاطر المجتمع بسبب نقص مصل السم.
وتابع: "دمرت الفيضانات مخزونات المحاصيل السنوية، ما أثر على ممارسات كسب الرزق الرئيسية للزراعة وتربية الحيوانات والعمل السوداني، كما أن مخاطر السيول التي تجلب السيانيد من مناطق التعدين القريبة تعرض حسة الإنسان والحيوان والبيئة للخطر".
وقال مكتب اوتشا إن السيول أتلفت 150 مبنى عاما في ولاية نهر النيل التي تضرر فيها 32.200 مرحاض، فيما غمرت المياه قرى بأكملها في وقت يزيد التعدين وتلوث المياه من تعقيد الوضع.
وقطعت الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات الطرق بين المدن والولايات، بما في ذلك الطريق المؤدي إلى بورتسودان التي أصبحت بمثابة مركزًا لإدارة حكم البلاد بعد انتقال مؤسسات الدولة إليها عقب التدمير الواسع الذي لحق بالعاصمة الخرطوم.