تفاعلت الأسواق مع تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، جيروم باول، والتي ألمح فيها إلى الاستعداد لخفض أسعار الفائدة الأميركية في سبتمبر، محذرا من أن "المخاطر السلبية" التي تهدد سوق العمل قد ارتفعت.
في خطابه الذي كانت تترقبه الأسواق على نحو واسع في ندوة جاكسون هول بولاية وايومنغ، قال باول : لقد حان الوقت لتعديل السياسة. إن الاتجاه واضح، وسوف يعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر.
وفي ضوء تلك التصريحات، ارتفعت أسعار سندات الخزانة الأميركية وانخفض الدولار مع مراهنة المستثمرين على قيام الفدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر هذا العام.
وقال باول إن الفدرالي "سيبذل كل ما في وسعه لدعم سوق العمل القوية مع إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار". وفي تعليقات دعمت أسواق الأسهم، حذر من أن "المخاطر الصعودية للتضخم قد تضاءلت، والمخاطر السلبية على التوظيف قد زادت".
وبنهاية تعاملات الجمعة، سجلت الأسهم الأوروبية ارتفاعات جماعية، كما غلب اللون الأخضر على وول ستريت، بدعم من تلك التصريحات.
التصريحات التي أدلى بها باول في كانساس سيتي خلال الندوة السنوية، وصفها تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" على أنها "أقوى إشارة حتى الآن من جانبه إلى أنه سيخفض أسعار الفائدة قريبا من أعلى مستوياتها الحالية في 23 عاما عند 5.25-5.5%".
ومن المقرر أن يصوت الفدرالي في منتصف سبتمبرالمقبل، قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وكان الاقتصاد والتضخم وتكاليف الاقتراض المرتفعة من بين المخاوف الرئيسية لدى الناخبين الأميركيين، مما أضر بتصنيفات تأييد الرئيس جو بايدن.
انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين، والذي يعكس توقعات أسعار الفائدة، 0.1 نقطة مئوية إلى 3.91 %.
وانخفض الدولار 0.8 في المائة مقابل سلة من العملات المنافسة.
وفي أسواق الأسهم، أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعاملات اليوم مرتفعا 1.2% ليقترب من أعلى مستوى على الإطلاق في يوليو/تموز. كما أضاف مؤشر داو جونز أكثر من 400 نقطة.
ارتفعت أسعار الذهب بنحو 1%، كما سجلت مكاسب أسبوعية، بدعم من تصريحات خفض الفائدة.
وانتعشت العملات المشفرة على وقع تلمحيات خفض الفائدة. وارتفعت عملة البتكوين بأكثر من 7% خلال الـ 24 ساعة، مخترقة مستوى الـ 64 ألف دولار.
خفض الفائدة
وتضع الأسواق الآن احتمالات بنحو 35% لخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية أكبر من المعتاد الشهر المقبل، مقارنة بنحو 28% قبل حديث باول.
ومن شأن خفض أسعار الفائدة أن يجعل الفدرالي متوافقا مع عديد من نظرائه، الذين خففوا أيضا الظروف النقدية مع انخفاض التضخم في مختلف الاقتصادات المتقدمة.
خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية في يونيوإلى 3.75% ــ وهو أول خفض منذ ما يقرب من خمس سنوات ــ قبل أن يبقي على سعر الفائدة ثابتا في يوليو.
ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إضافيين هذا العام.
وفي تصويت حاسم في أغسطس، خفض بنك إنجلترا أيضا أسعار الفائدة، على الرغم من أن المحافظ أندرو بيلي رفض فكرة فرض سلسلة متتالية من التخفيضات.
انخفاض التضخم
وقال باول إن التضخم انخفض "بشكل كبير" منذ اشتعاله غير المتوقع في بداية العام، لدرجة أن "ثقته زادت في أن التضخم يسير على مسار مستدام" للعودة إلى هدف بنك الاحتياطي الفدرالي البالغ 2%.
تراجعت ضغوط الأسعار دون ارتفاع حاد في فقدان الوظائف، على عكس توقعات العديد من خبراء الاقتصاد بتباطؤ أكبر اقتصاد في العالم.
كما شدد رئيس الفدرالي على أن البنك "لم يسعَ إلى مزيد من التهدئة في ظروف سوق العمل"، التي قال إنها "هدأت بشكل كبير من حالتها المحمومة سابقًا". وعبر عن ثقته في أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يحقق هبوطًا ناعمًا، ويحقق هدفه التضخمي دون التسبب في ضرر اقتصادي غير مبرر.
في حين أن الشركات الأميركية تضيف عددا أقل من الوظائف ويرتفع معدل البطالة، فإن الكثير من ارتفاعه إلى 4.3% يمكن أن يعزى إلى تدفق العمال الجدد الذين يدخلون سوق العمل، كما يقول خبراء الاقتصاد.
ومع ذلك، أظهرت المراجعات السنوية التي أصدرها مكتب إحصاءات العمل هذا الأسبوع أن نمو الوظائف كان أضعف بكثير على مدار العام حتى مارس مما أُعلن في الأصل.