قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

أحمد ياسر يكتب: من رفاعة الطهطاوي إلى فرد هاليداي

أحمد ياسر
أحمد ياسر
×

اكتشاف الآخر عملية ممتدة في الزمان، وهي لاتتوقف أبدا لسبب بسيط هو التفاعل الإنساني بين الأمم والشعوب والثقافات في أوقات السلم ومعارك الحرب علي السواء، غير أن ذلك لاينفي أن هناك لحظات تاريخية فاصلة تشتد فيها الحاجة إلي الاكتشاف المكثف للآخر إن صح التعبير!

لقد برزت الحاجة إلي اكتشاف الغرب لدي المفكرين العرب في بداية النهضة العربية الحديثة، عقب غزو نابليون لمصر، وبروز تقدم النموذج الحضاري الغربي إذا ما قارنه بوضع التخلف الذي كانت ترسف فيه المجتمعات العربية في هذا التوقيت، ولهذا كان سؤال النهضة الأولي.. لماذا التخلف؟ وكيف نكتسب أسباب التقدم؟

وتلك التساؤلات كانت البداية لتفسير التراث الخصب لأدب الرحلة في الفكر العربي الحديث، وهو إن بدأ في رحلة رفاعة الطهطاوي حين أوفده محمد علي حاكم مصر إلي فرنسا إماما ً للبعثة العلمية التي أرسلها لاكتساب أعضائها أسرار الفنون والعلوم والصنائع الغربية، إلا أنه سرعان ما أصبحت تقليدا َ شارك في ترسيخ قواعده أجيال من الرحالة العرب، الذين ينتمون إلي المشرق والمغرب.

كانت هذه اللحظة التاريخية التي اشتدت فيها رغبة العرب في اكتشاف الآخر، لأسباب حضارية تتعلق بالبحث عن أسباب التقدم والقضاء علي جذور التخلف.

والعرب المعاصرين معنيون أيضا بحكم المعارك الضالعين فيها سواء كان ذلك في فلسطين وحربها التاريخية مع إسرائيل المدعومة أمريكيا ً، أو في إيران أو لبنان أو حتي في كشمير، معنيون باكتشاف الآخر الغربي وتحليل طبيعة الأيدلوجيات التي يتبناها، ودوافع السلوك التي تصوغ الاستراتيجية الغربية تجاه العالم العربي والإسلامي.

وإذا كان الطهطاوي يمثل رمزا ً في لحظة تاريخية ماضية علي عملية الاكتشاف العربي والإسلامي للغرب، فيمكن القول أنه في الحقبة التاريخية المعاصرة هناك طابور طويل من المستشرقين الغربيين، الذين ينتمون إلي تخصصات شتى في التاريخ والسياسة وعلوم الاجتماع والاقتصاد، تصدوا لعملية اكتشاف الآخر العربي والإسلامي.

بل أن هناك أدباء حرصوا علي آستخدام الأسلوب الأدبي الحديث الذي يجمع بين التحقيق الصحفي والعرض الأدبي.

ومن بين هؤلاء الذين تصدوا لاكتشاف الآخر العربي والإسلامي، باحثا َ بارزا ً هو ( فرد هاليداي)، الأيرلندي الأصل أستاذ العلاقات الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد، هذا الشخص يتمتع بخبرة طويلة في دراسة العالم العربي والإسلامي، ولعل مايؤكد هذا كتابه القديم الذي جلب له شهرة ذائعة وهو ( الجزيرة العربية بغير سلاطين).

فضلا عن ذلك كله هو روح الموضوعية التي يتسم بها في كتاباته، والتي تتمثل في قدرته على ممارسة النقد الذاتي نيابة عن الفكر الغربي، وعدم تردده في إدانة السياسات الغربية المتحيزة ضد العالم العربي والإسلامي.

غير أن السبب الرئيسي لاختيارنا له كرمز لمحاولة اكتشاف الآخر في الوقت الراهن، هو أنه أول باحث غربي ألف كتاباً عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ونحن نعرف جميعا ً أن هذا الحدث الإرهابي فجر مشاعر عدائية صارخة ضد العالم العربي والإسلامي، تجلت في لغة الخطاب السياسي والثقافي الغربي.

ومن هنا تكتسب تحليلات "هاليداي"، عن طبيعية العداء والخصومة بين العرب والغرب أهمية خاصة لأنها تأتي بعد حدث تاريخي له طبيعية استثنائية، وقد ذكرها الكاتب في منشوره المثير بعنوان ( ساعتان هزتا العالم)، وإذا تصفحنا الكتاب بعناية لأدركنا أن هاليداي، يعتمد فيه في الواقع علي سابق دراساته عن العالم العربي والإسلامي، وهو ماذكره في الفصل الثاني من كتابه وعنوانه ( الصراعات الثقافية والعلاقات الدولية)، لأنه يكاد أن يكون أهم فصول الكتاب.

وللحديث بقية : مقولة الصراع بين العرب والإسلام والغرب….