قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

فضل إصلاح ذات البين .. وماذا قال النبي لمن يُصلح بين المتخاصمين؟

فضل إصلاح ذات البين
فضل إصلاح ذات البين
×

ما فضل إصلاح ذات البين ؟ أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الإصلاح بين المتخاصمين أفضل من صيام وصلاة التطوع والصدقة، وحَرِصَ الدين الإسلامي على صلاح ذات البين، وقد جاء الأمر على الوجوب بالسعي في صلاحها، ورتَبَ الشرعُ الإسلامي ثوابا عظيما، لمن أجتهد وسلك هذا الطريق، وذلك من قول الله عز وجل : «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ».

البَيْن هي لفظٌ غنيُ المَعنى، وتأتي بمعنى والوصل والقرب، وتأتي بمعنى الفرقة والبعد، يُحَدِدِهُا سِيَاقُها، فإن كان مدحًا فهو وَصْلٌ، وإن كان ذمًا وتحذيرًا، فهو فرقة، وهذا في عموم اللفظ، أما تخصيصه فيأتي على عموم ما تعارف عليه الناس، فأقواهُ يأتي بمعنى النَسَبْ والقَرَابة، وأخصهم بالذكر الأرحام، فهم أولى الناس به، وقولنا ذات البين أي القرابة، فإن ذكرت مفردة، أريد بها الفرقة التي تقع ما بين كل قريب مع قريبه، وتتعدد أشكال هذه القرابة، فهي ما بين المرء ونفسه، وما بين الاثنين، وما بين الجماعة من أولي القربى.

الابتعاد عن المنازعات والخصومات

طالب إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح البدير، بالابتعاد عن المنازعات والخصومات، مؤكداً أن إصلاح ذات البين خصلة جليلة وفضيلة عظيمة تستلّ بها الضغائن والأحقاد والحزازات وتطفئ بها نيران العداوات والخصومات والمنازعات، مشيرًا إلى أن إصلاح ذات البين من أجلّ الطاعات وأحسن الحسنات التي يتقرب بها العبد لله جل وعلا، مستشهداً بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ، قَالُوا: بَلَى قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ» أخرجه أحمد وأبو داود.

أجر إصلاح ذات البين


وأكد الشيخ الدكتور صلاح البدير، خلال خطبة الجمعة من المسجد النبوي، أن الله تعالى أمر عباده بالمسارعة إلى قطع المنازعة بالإصلاح بين المتخاصمين والتوفيق بين المتنازعين، قال تعالى: «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ».

وبيّن فضل وعِظم أجر المصلحين الذين يسعون بالإصلاح بين المتخاصمين ويحرصون على قطع الخلاف وحسم دواعِي الفُرقة، مستشهداً بقول الله تعالى: «لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا».

الصلح بين المسلمين رعاية للأخوة وصيانة للعرض

وأكد الدكتور البدير، أن الصلح بين المسلمين رعاية للأخوة وصيانة للعرض ودوام للسكينة ونزول للتوفيق والبركة، محذراً من التمادي في الخلاف والشحناء، فهي سبب في الخذلان والهوان وتكدر العيش وتعسر للنوم وتعب للأجساد وشماتة للحساد.


وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بالتغافل عن الزلات والهفوات وأن يكونوا إخواناً متحابين متواصلين بجلال الله تعالي، متعاونين على البر والتقوى نابذين للفرقة والخلاف والأهواء متمسكين بالجماعة والألفة والمحبة والإخاء.


واختتم الخطبة بقوله: إنه متى استعان المصلح بمولاه وأصلح قصده وأخلص لله فعله وتوخّى الزمان المناسب والمكان الملائم والكلام السهل المقنع وقع سعيه نافعاً كنفع الغيث للأرض، مبيناً ما جاءت به الرخصة الشرعية في أن يقول الرجل في الإصلاح بين المتخاصمين ما لم يسمعه من الذكر الجميل والقول الحسن ليستل به من قلب أخيه السخيمة والضغينة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً».

فضل إصلاح ذات البين

وروى أبو داود (4273) والترمذي (2433) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» قَالَ الترمذي: وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ الْحَالِقَةُ. لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ».

وقال الإمام «المناوي» في شرح الحديث: إن المقصود بـ«إياكم وسوء ذات البين» أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين، أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد، فإنها أي: الفعلة أو الخصلة المذكورة، و«الحالقة» أي الخصلة التي من شأنها أن تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر، وقيل هي قطيعة الرحم والتظالم.

وأضاف: قوله: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» المراد بهذه المذكورات النوافل دون الفرائض، قال القاري والله أعلم بالمراد: "إذ قد يتصور أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات، القاصرة مع إمكان قضائها على فرض تركها فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد".وتابع: وقيل المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين فرقة والبين من الأضداد الوصل، والفرق وفساد ذات البين الحالقة أي هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستأصل الموس الشعر.

ويرشد الحديث إلى الترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة فوق ما يناله المشتغل بخويصة نفسه.

وسائل لإصلاح ذات البين

أولا:-أنْ يعلمَ الساعي بإصلاحِ ذات البين، بأنَّ هذا العمل عبادةٌ، يُتقربُ بها إلى الله عز وجل، فلا بُد من الإخلاص لله عز وجل فيها.

التوجه للمتخاصمين وتذكيرهم بخطورة هذا العمل، وما يترتب عليه من عدم رفع الأعمال الى الله عز وجل، ويُستدل عليه من القرآن والسنة.

ثانيًا: مدح الطرف المقابل أمام أحد المتخاصمين، حتى ولو دخل عليه شيء من الكذب، فهو لا يُعد ُكذبا ًفي هذا الباب، فقد أجازهُ الشرع ُفي مثل هذه المسائل.

ثالثًا: تنبيه المتخاصمين بأن الوقيعة بينهم من عمل الشيطان، والتمادي فيها من حثِ الشيطان عليها، ودعوته لها.

رابعًا: المبادرةُ للإصلاح بين المتخاصمين بأسرع وقت، فإنَّ التأخير فيه مَضَرَةٌ، وهي فرصة للنمام بنقل الأقوال، وإثارة الفتنة، وزيادة المشكلة بين الطراف المتخاصمة.

خامسًا: على الساعي بإصلاح ذات البين، عدمُ الإكتراث ِبالمثبطين من النمامين، والساعين للوقيعة ِبين الناس، فعليه ِبالتكتم على ما يدور بينه وبين أطراف الخصومة من حوار.

سادسًا: اختيار العبارات اللطيفة والرقيقة، التي تطفئ الغضب، وتزيد المحبة، فهي تُمَهِدُ الطريق أمام الصُلْحِ. الاستعانةُ بالأشخاص المقربين من المتخاصمين، وذلك لأجل الضغط عليهم من باب الود، والمحبة، وقرب المكانة منهم.

فضل إصلاح ذات البين

أولًا: حصول الأجر والثواب من الله، فهذا العمل يُعد بمقام الصلاة والصيام والصدقة.

ثانيًا: تقوية الروابط بين أفراد المجتمع الإسلامي، وترسيخ مبادئ التكافل الاجتماعي، الذي له انعاكساتٍ على واقع المجتمع في شَتَىَ الصُعِدِ.

ثالثًا: زيادة قوة وتماسك الجبهة الداخلية.

رابعًا: سبب لمغفرة الذنوب، ورفعُ الأعمال إلى الله عز وجل.

آداب الإصلاح بين الناس

وعلى المُصلح أن يتذكر آداب الإصلاح لكي يكون معه من الله ظهير، ويحصل على ثمرة عمله، ومن أعظم هذه الآداب:

1- على المُصلح أن يخلص النية لله؛ فلا يبتغي بصلحه مالاً أو جاهاً أو رياء أو سمعة، وإنما يقصد بعمله وجه الله: «وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» النساء/114 .

2- وعلى المُصلح أيضاً أن يتحرّى العدل ليحذر كل الحذر من الظلم:(فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الحجرات/9 .

3- ليكن صلحك مبنياً على علم شرعي، وحبذا أن تشاور العلماء في ذلك، وأن تدرس القضية من جميع جوانبها، وأن تسمع كلام كل واحد منهما.

4-لا تتعجل في حكمك وتريَّث؛ فالعجلة قد يُفسد فيها المصلح أكثر مما أصلح.

5-عليك أن تختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين؛ بمعنى أنك لا تأتي للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك تصلح بينهما.

6-والأهم أيضاً التلطُّف في العبارة فتقول: يا أبا فلان أنت معروف بكذا وكذا.. وتذكر محامده ومحاسن أعماله، ويجوز لك التوسع في الكلام ولو كنت كاذباً، ثم تحذِّره من فساد ذات البين.