تستمر إسرائيل في شن غارات شبه يومية على مدينة طولكرم ومخيم اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة، في إطار عدوان جديد قديم يهدف دوما إلى اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم وترهيبهم وسرقة الأرض والهوية. وفي أحدث الغارات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية أمس الخميس، استشهد ثلاثة فلسطينيين في ضربة جوية باستخدام طائرة مسيرة، وهو تطور خطير في استخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة ضد السكان المدنيين.
تعد هذه الغارات جزءًا من استراتيجية أوسع تتبعها إسرائيل لتعزيز سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة تستهدف المناطق التي يتواجد فيها مقاومون فلسطينيون. وبحسب الخبراء، فإن هذه الغارات تأتي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وهي ذريعة تستخدمها إسرائيل لتبرير التوسع الاستيطاني غير القانوني وتهجير الفلسطينيين من منازلهم.
تستخدم القوات الإسرائيلية أساليب متقدمة لتنفيذ غاراتها، تبدأ بإرسال قوات خاصة متخفية لجمع المعلومات الاستخبارية قبل بدء الهجوم. يتبع ذلك دخول القوات الإسرائيلية إلى المخيمات باستخدام الجرافات العسكرية لتدمير المنازل والبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات. يتم دعم هذه العمليات جوًا باستخدام الطائرات المسيرة والمروحيات، ما يزيد من قدرة القوات على تدمير أهدافها بدقة متناهية.
في الغارة الأخيرة على طولكرم، تم تدمير أجزاء واسعة من المخيم، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا. هذه الغارات لا تقتصر فقط على استهداف المقاومين، بل تشمل أيضًا تدمير البنية التحتية وإحراق المنازل، مما يفاقم من معاناة السكان المدنيين.
يدعي الاحتلال الإسرائيلي أن الهدف من هذه الغارات هو اعتقال "إرهابيين" في المخيمات الفلسطينية. لكن ناشطين وخبراء يؤكدون أن الهدف الحقيقي هو تنفيذ عقاب جماعي للفلسطينيين وردع أي شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال.
السكان الفلسطينيون في طولكرم يرون أن هذه الغارات ليست سوى جزء من حملة أكبر تهدف إلى السيطرة على الأراضي الزراعية الخصبة في المدينة، والتي تعد مصدر رزق أساسي للسكان.
تمثل طولكرم موقعًا استراتيجيًا نظرًا لخصوبة أراضيها وغناها بالمياه الطبيعية. ولكن مع تزايد عدد المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في المنطقة، يواجه المزارعون الفلسطينيون صعوبات كبيرة في الحصول على المياه، ما يجبرهم على الاعتماد على المياه المعبأة بأسعار مرتفعة، الأمر الذي يهدد أمنهم الغذائي.
الغارات الإسرائيلية على طولكرم تعكس سياسة متعمدة تهدف إلى تقليص الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، من خلال ترهيب السكان وتدمير البنية التحتية، وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يُطاق. ومع استمرار هذه السياسات، تتزايد معاناة الفلسطينيين، ويزداد تصميمهم على المقاومة، بغض النظر عن التضحيات.