ما صحة حديث: «دينهم دراهمهم وقبلتهم نساؤهم»؟، سؤال نجيب عنه من خلال ما ذكره الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط.
ما صحة حديث: «دينهم دراهمهم وقبلتهم نساؤهم»؟
حيث ورد سؤال يقول ما صحة هذا الحديث، والذي يأتي بيانه كالتالي: (سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إﻻ رسمه ومن الإسلام إلا اسمه همهم بطونهم ودينهم دراهمهم وقبلتهم نساؤهم)، ليؤكد العالم الأزهري أن حديث باطل غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أنه بعد الرجوع إلى المصادر الحديثية والمواقع البحثية .
ولفت أنه قد وردت بعض ألفاظه عند الديلمي في مسند الفردوس رقم 8688 وعزاه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مشيرا إلى أنه معلوم أن ما انفرد به صاحب الفردوس إما ضعيف أو موضوع عند غالبية المحققين من أهل العلم، منبهًا: لكن هذا لا ينفي أن من علامات الساعة تغير الأحوال إلى الأسوأ كما ورد في البخاري وغيره ونكتفي هنا بحديثين:
1) قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة أو قال من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد ) . صحيح البخاري كتاب الحدود باب إثم الزنا رقم 6423 .
2) قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله) صحيح مسلم كتاب الإيمان باب ذهاب الإيمان آخر الزمان رقم 392.
هل ظهرت علامات خروج الدجال؟
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء تحت عنوان «المسيح الدجال وعلامات الساعة»: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله، وإن شر الأمور محدثاتها، تركنا ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالكٌ. ما ترك لنا شيئًا يقربنا إلى الله ويقربنا إلى الجنة ويبعدنا عن النار وعن غضب الله إلا أمرنا به، وما ترك شيئًا يبعدنا عن الله ويقربنا من النار ويبعدنا عن الجنة إلا وقد نهانا عنه.
وتابع: لما جاء رسول الله ﷺ مبعوثًا رحمةً للعالمين، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} أراد أن يبلغ والبلاغ يحتاج إلى علمٍ. ولذلك بدأ بالعلم فعلَّم الناس، فآمنت خديجة وتلاها عليّ عليه السلام ثم آمن أبو بكر، ثم آمن ثمانيةٌ من الصحابة الكرام، منهم زيد ومنهم عبدالله بن مسعود، وأخذ الإيمانُ ينتشر والنبي ﷺ يريد أن يغير هؤلاء الناس من حالٍ إلى حال.
وأكمل: لما أراد التغييرَ بدأ بالعلم، بدأ يعلمهم، والعلم دائمًا يرتبط بالحقائق، ولم يعلمهم معلوماتٍ مجردة لا علاقة لها بالإنسان، بل بدأ بالإنسان، ومما علمنا أن الإنسان نبدأ معه بالقلب، والقلب هو الذي سيعلو العقلَ والعقلُ هو الذي سيعلو السلوكَ، ولذلك سيتغير الإنسان عندما يؤمن قلبُه، ثم ينير فإن هذا النور سوف يشِّع في العقل؛ فيرى الأمورَ على حقائقها، ويقدر الأمور بمقاديرها ويتغير.
وبين المقصود بقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فإذا أردنا التغيير فابدأ بالإنسان، وإذا أردت الإنسان فابدأ بقلبه، فإنه سماؤه التي سيستظل بها العقل، وتحت العقل سيكون السلوك، وإذا غيرنا القلوب من حالٍ إلى حالٍ سَهُل بعد ذلك كل شيء، وظل النبي ﷺ يؤكد هذه الحقيقة، ويعلمنا «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم».
وأضاف: يكرر النبي ﷺ هذا مراتٍ بعد مراتٍ، وهو يؤكد لهم إن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم وإلى جثثكم، وإنما ينظر إلى هذا السر الرباني الإلهي القائم بين صدرك وهو القلب، وهو محلُّ تنزُّل الرحمات، وهو مجلى فعل الرحمن سبحانه وتعالى. نبههم مرة والثانية والثالثة، ولا يزال ينبههم حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى ﷺ، ترك لنا هذا التراث، ابدأ بالإنسان، ثم ابدأ مع الإنسان بقلبه؛ حتى يعلو القلبُ على العقل، ويعلو العقلُ على السلوك.
وشدد: لما دخل الإيمان في قلوبهم، وخلطت بشاشة الإيمان نفوسهم، ازدادوا إيمانًا وتيقنوا، كل يومٍ يزدادوا يقينًا، ولذلك حكى لنا النبيُّ ﷺ هذا الحال، وهو حالٌ حكاه كلُّ الأنبياء لأممهم، وهو أن الإيمان إذا خالطت بشاشتهُ القلوبَ، لا يخرج أبدًا، وأن الإيمان إذا دخل القلب ازداد. {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} سبحانه وتعالى. يزداد الإيمان وتزداد معرفة الحقيقة، كل يوم عند من خالط الإيمانُ ببشاشتهِ قلبَه.
وأردف: يحكي لنا النبيُّ ﷺ أن شخصًا مفسدًا سيخرج في آخر الزمان بإرادة الله سبحانه وتعالى كنوعٍ من أنواع الامتحان والاختبار والفتنة، وأنه شرير، وسماه ﷺ بالمسيح الدجال، وذلك أنه سوف يدعي أنه عيسى، ولكنه كذَّاب، وأن هذا الرجل له علامة لا تخطئُهُ العين، وهو أنه أعور، عينه عوراء ممسوحة، والعين الثانية جاحظة كزبيبة. إذن منظره مشوه، كلُّ من نظر إليه عرفه، إلا أنه في حالة الهرج العقلي الذي تعيش فيه تلك العصور حيث نصدق الكذاب، ونكذب الصادق، وحيث نأمر بالمنكر، وننهى عن المعروف، وحيث نقطِّع أرحامنا فيما بيننا، وحيث نفتقد المقياسَ والمعيارَ، وحيث يتصدر غير المتخصصين في كل التخصصات في غير تخصصاتهم. فينطق الدجال في الطب، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، كما ينطق في الدين.