تواصل الحرب الإسرائيلية في غزة تصعيدها بشكل متسارع، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في المنطقة، ومنذ بداية الغزو الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي، وشهد القطاع المحاصر قصفًا مكثفًا وهجمات عسكرية أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتوترة، تجري جهود مكثفة من قبل المجتمع الدولي للتوسط من أجل الوصول إلى اتفاق هدنة، ولكن المفاوضات تواجه تحديات كبيرة بسبب تعقيدات المواقف والاختلافات بين الأطراف المعنية. وتتعقد هذه الجهود بسبب التصريحات المتضاربة والضغوط السياسية الداخلية والدولية، مما يبرز الحاجة الملحة لإيجاد تسوية فعالة تنهي الصراع وتخفف من معاناة المدنيين في غزة، وسط تزايد المخاوف من تلاشي آمال التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
إلى أين وصلت مفاوضات الهدنة؟
من جانبها، كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن طلب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، ضمانات أمريكية بعدم ملاحقته من قبل إسرائيل في حال إتمام اتفاق الهدنة في قطاع غزة. جاء هذا الطلب في إطار المفاوضات الجارية للوصول إلى اتفاق حول وقف القتال.
وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى زيادة الضغط على حركة «حماس» بسبب رفضها مقترح الهدنة.
ووفقًا لبيان صادر عن مكتبه، أشار نتنياهو إلى أن حركة «حماس» لم ترسل ممثلاً إلى مفاوضات الدوحة، مما يستدعي توجيه الضغط إليها بدلاً من الحكومة الإسرائيلية.
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، محادثات في مصر يوم الثلاثاء (20 أغسطس 2024) قبل توجهه إلى قطر، في إطار جهود الولايات المتحدة لإقناع إسرائيل و«حماس» بالاتفاق على تسوية تقضي بهدنة في قطاع غزة. وفي جولته التاسعة منذ بدء الحرب، التقى بلينكن في العلمين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي دعا إلى "إنهاء الحرب" في غزة. وأكد بلينكن في تل أبيب يوم الاثنين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبدى موافقته على خطة التسوية التي عرضتها واشنطن، مطالبًا حركة «حماس» باتخاذ خطوة مماثلة.
وفي واشنطن، انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن حركة «حماس»، متهمًا إياها بالتراجع عن خطة التسوية. وردًا على ذلك، اعتبرت «حماس» تصريحات بايدن بأنها "ادعاءات مضللة"، وأكدت في بيان لها أن الحركة حريصة على التوصل إلى وقف العدوان، وأنها تتمسك بالخطة التي أعلنها بايدن في نهاية مايو، والتي تتضمن هدنة مدتها ستة أسابيع، انسحابًا إسرائيليًا من المناطق المأهولة في غزة، وإفراجًا عن الرهائن، تليها مرحلة انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ومن جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل عشرات المقاتلين الفلسطينيين خلال الاشتباكات العنيفة في جنوب قطاع غزة. وأفاد البيان الصادر عن الجيش أن القوات الإسرائيلية قامت بعمليات دقيقة بناءً على معلومات استخباراتية في منطقة تل السلطان برفح، وأسفرت العمليات عن مقتل نحو 40 مقاتلًا فلسطينيًا.
وفي ظل الضغوط المتزايدة على الحكومة الإسرائيلية بشأن قضية الرهائن، أعلن الجيش العثور على جثث ستة رهائن خلال عملية في غزة، بينهم خمسة ذكور كان قد أعلن عن مقتلهم سابقًا. وفي أعقاب ذلك، طالبت عائلات الرهائن الحكومة الإسرائيلية ببذل كل جهد ممكن للتوصل إلى الاتفاق المطروح.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب،إن ما يسمى بـ"اقتراح سد الفجوات" في مفاوضات وقف إطلاق النار يفاقم الخلافات بدلاً من حلهامؤكدًا أنه لا يوجد مقترح عملي مكتمل حتى الآن، مشيرًا إلى أن ما أُعلن هو مجرد تصريحات من وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بعد اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وحسب بلينكن، وافق نتنياهو على مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن، بينما كان من المفترض أن توافق حركة حماس أيضًا.
وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن تصريحات بلينكن لا تعكس الواقع، حيث لم تُصدر أي تصريحات رسمية من نتنياهو أو حكومته بخصوص قبول هذا المقترح.
وأضاف أن الولايات المتحدة قد تكون تماطل وتراوغ في مساعيها، مما يشير إلى أنها قد تسعى لإطالة أمد الحرب حتى أكتوبر المقبل.
وأضاف أن المقترح الجديد يشمل وجود مراقبة دولية أو بكاميرات مع بقاء القوات الإسرائيلية بالقرب من نتساريم، وهو ما يختلف عن الاقتراح السابق. وأكد أن بقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا هو حجة يستخدمها نتنياهو لتبرير استمرار الحرب حتى بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
و أوضح الرقب أن المشكلة الأخرى تتعلق بعودة النازحين من الشمال إلى الجنوب، حيث تفرض إسرائيل فحوصات للنازحين لتفادي عودة المسلحين، وهو ما يعد تبريرًا للتمسك بالبقاء في محور نتساريم، الذي يُستخدم كقاعدة استراتيجية خلال الصراع.