تولى مؤسسات الدولة اهتماماً كبيرا للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتسعى إلى ترجمة ما نص عليه الدستور المصرى من نطاق واسع من الحقوق والحريات إلى تشريعات وبرامج واستراتيجيات، وبما يسهم فى الارتقاء بحياة مواطنيها، كما تؤكد احترامها لالتزاماتها الدولية والإقليمية بموجب الاتفاقيات التى تعد طرفاً فيها، وتسعى دوما لتنفيذها والامتثال إليها.
قضية الحبس الاحتياطي
وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإحالة التوصيات بشأن الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية للحكومة وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها، استجابةً لمناقشات الحوار الوطني التي تميزت بالتعدد والتخصص.
وقال الرئيس السيسي، في بيان صحفي: "استجابتي لتوصيات الحوار الوطني نابعة من الرغبة الصادقة في تنفيذ أحكام الدستور المصري والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".
وأكد الرئيس أيضا أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة، مع تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.
وأكد مجلس أمناء الحوار الوطني، أنه تلقى بكثير من الاعتزاز والتقدير الاستجابة العاجلة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للتوصيات المرفوعة من الحوار الوطني الخاصة بقضية الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، وكذلك توجيه سيادته بإحالة التوصيات للحكومة لسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل تلك التوصيات المتفق عليها.
وتقدم مجلس الأمناء بالشكر للرئيس السيسى لدعمه الكامل للحوار الوطني، واستجابته العميقة للتوصيات الصادرة، وثقة سيادته بأن جميع التوصيات المتفق عليها هي نتيجة مناقشات جادة تميزت بالتعدد والتخصص، وكذلك لإنحيازه التام لتطبيق العدالة الناجزة وتفعيل الاستراتيجة الوطنية لحقوق الإنسان.
وتطلع مجلس أمناء الحوار الوطني من جميع الجهات المعنية سرعة العمل على تنفيذ التوصيات ووضعها موضع التطبيق.
وكان مجلس أمناء الحوار الوطني انتهى من مناقشة ملف الحبس الاحتياطي وإشكالياته، وقام مجلس أمناء الحوار الوطني برفع التوصيات، التي خلصت إليها جلسات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة والتي ناقشت موضوع "الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية" إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
واشترك في الجلسات عدد من الشخصيات السياسية والحقوقيين والشخصيات العامة، والنواب، وممثلي الأحزاب، ورؤساء بعض المنظمات الحقوقية، وممثلين من لجنة العفو الرئاسي.
تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعي
في هذا الصدد قال احمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن توجيهات الرئيس السيسى بتحويل توصيات الحوار الوطنى الخاصة بالحبس الاحتياطي للحكومة يؤكد التزامه بمخرجاتالحوار الوطنى، ويؤكد حرصه على تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعى وتعزيز مناخ الحرية بهدف بناء مجتمع يتسم بالعدالة والتسامح.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد " أن هذه التوجيهات تعمل على تعزيز الحريات واحترام حقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتابع: والأهم أن نعلم أن الحوار الوطنى واهتمام الرئيس بأن يكون هناك مفهوم شامل لحقوق الإنسان، وأن لا يكون مقتصرا على الحريات، وبالتالى مصر اختارت الطريق الأصعب، بحيث يتسع ويمتد مفهوم حقوق الإنسان ليشمل كافة الحقوق الأخرى، كالتعليم والصحة والسكن جنبا إلى جنب مع الحقوق السياسية والحريات العامة، بهدف الربط والتكامل بين كافة الحقوق، وترسيخ مبادئ المواطنة والعدالة وتكافؤ الفرص والمساواة فى الحقوق والواجبات، بالتزامن مع مواجهة الفساد دون تمييز.، لذلك فهى خطوة مقدرة وتكشف جدية الحوار الوطنى وحرص الرئيس على استمرار الحوار وفعالياته.
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى سبتمبر 2021 الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تتضمن المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الانسان فى الدولة، وذلك بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر الذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، وتعظيم حقوق المواطنة وتعزيز رؤية بناء الإنسان .
وتقوم هذه الاستراتيجية، والتى تجسد خارطة طريق لحقوق الإنسان وتعزيز الحريات، على 4 محاور رئيسية، تتكامل مع بعضها البعض وهي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب، والتثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان.
وتسعى مصر إلى تطوير مستوى تعاونها القائم بالفعل مع الآليات الدولية والاقليمية المعنية بموضوعات حقوق الانسان، ولقد شاركت مصر فى جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذى شغلت عضويته مرتين، وتم انتخاب العديد من الخبراء المصريين فى عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كما ساهمت بشكل فعال فى الجهود المبذولة فى إطار الاتحاد الإفريقى، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية؛ لتطوير الآليات الإقليمية ذات الصلة.
وتُعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان خير دليل على السعى الجاد نحو مواجهة أى تحديات تحول دون التمتع بحقوق الانسان وكذا دليل على توافر الارادة السياسية لإعطاء دفعة قوية للجهود الوطنية فى هذا الشأن، فهى نتاج لجهد وطنى بمبادرة مصرية خالصة تهدف إلى الارتقاء بأوضاع حقوق الانسان للمواطن المصرى بمفهومها الشامل وكجزء من بناء الدولة المصرية الحديثة التى ينعم فيها كافة المواطنين بحقوقهم التى كفلتها لهم الدستور والقوانين المصرية واتساقاً مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الانسان.
وتستند الاستراتيجية إلى مجموعة من المبادئ وهي:
- أن حقوق الإنسان متأصلة فى الكرامة الإنسانية، وهى عالمية، مترابطة ومتشابكة وغير قابلة للتجزئة إذ يعزز كل منها الآخر.
- عدم التمييز، وكفالة حقوق الإنسان فى إطار من المساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام مبدأ المواطنة.
- سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، واستقلال القضاء، وحصانته، وحيدته ضمانات أساسية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- الديمقراطية وحقوق الإنسان مترابطان، ويعزز كل منهما الآخر.
- تعزيز الحكم الرشيد، ومكافحة الفساد، وإرساء قيم النزاهة والشفافية لضمان التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- الحق فى التنمية حق من حقوق الإنسان، وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام فى تحقيق التنمية الشاملة، والتمتع بعوائد هذه التنمية.
- ضرورة وفاء كافة الأفراد فى المجتمع بواجباتهم ومسئولياتهم تجاه احترام حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
- الحقوق والحريات اللصيقة بالإنسان لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها.
ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة الحقوق والحريات إلا تلك التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية لحماية الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.