قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

في ذكرى ميلاده.. كواليس وأسرار اغتيال فرج فودة| صور

فرج فودة
فرج فودة
×

صاغ الكاتب والمفكر الكبير فرج فودة، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، ملامح مشروعه الفكري في محاولة لوقف المد الأصولي، وتفكيك الخطاب الأيديولوجي للجماعات الدينية، والحد من تأثيراته في الشارع المصري، مرتكزاً على أربعة أعمدة أساسية هي: نقد الإسلام السياسي المعاصر، ونقد الإسلام السياسي التاريخي، وحتمية الاجتهاد وإعمال العقل، والدفاع عن أسس الدولة المدنية الحديثة.

جدل كتابات فرج فودة

أثارت كتابات فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الأراء وتضاربت وتصاعدت حتى بلغت حدا كبيرا من العنف أدى في النهاية الي اغتياله فقد كان يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، ويرى أن تحكيم الشريعة من الرجعية لأن الزمن تغير، والأحوال تغيرت، وكان يدعو إلى أن تكون الدولة مدنية بعيدة عن الدين.

وكان فودة اهتم بالكتابة عن الجماعات الجهادية التي انتشرت في التسعينيات، وهاجم سعيها للعمليات الإرهابية، تحت اسم «الجهاد في سبيل الله والفريضة الغائبة»، وكتب عنها «الحقيقية الغائبة»، وهو الكتاب الذي ناقش فيه تطويع النصوص القرآنية، من أجل نشر فكر الجهاد، لاستغلالها في أهدافهم السياسية.

مناظرة فرج فودة التي أدت إلى إغتياله

وفييناير 1992، عقدتكانت المناظرة الشهيرة التي عُقدت في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة، تحت عنوان «مصر بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية»، والتي استمرت 3 ساعات متواصلة، وحضرها أكثر من 30 ألف شخص من أتباع تيارات الإسلام السياسي، وانقسم المُحاضرون في المناظرة إلى فريقين: الأول، يمثل «الدولة الدينية»، ويضم الشيخ محمد الغزالي، ومأمون الهضيبي، وهو كان نائب مرشد الإخوان والمتحدث باسم الجماعة حينها، والمفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، والآخر، يمثل «الدولة المدنية»، ويضم الدكتور محمد خلف الله، والدكتور فرج فودة.

بدأت المناظرة بكلمة للشيخ الغزالي، ذكر فيها أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية، ثم تبعه مأمون الهضيبي، الذي ركز على أهمية أن يكون الجدال والنقاش بين الدولة الإسلامية والدولة اللاإسلامية، مؤكداً أن الإسلام دين ودولة وليس ديناً فقط.

كان الدكتور فرج فودة آخر المتحدثين، وبدأ كلامه بالرد على ما دار من حديث حول قدسية دولة الخلافة، مستشهداً بكلام الشيخ الغزالي نفسه، من أن الإسلاميين منشغلون بتغيير الحكم، أو الوصول إلى الحكم، من دون أن يعدّوا أنفسهم لذلك.

وأشار إلى ما قدمته الجماعات الأصولية وما صدر عنها من أعمال عنف وسفك للدماء، ومستشهداً بتجارب الدول الدينية المجاورة، لا سيما الدولة الإيرانية، قائلاً: «إذا كانت هذه هي البدايات، فبئس الخواتيم، فالفضل للدولة المدنية التي سمحت لكم أن تناظرونا هنا، ثم تخرجون رؤوسكم فوق أعناقكم؛ لكن دولاً دينية قطعت أعناق من يعارضونها».

وأضاف: «لا أحد يختلف على الإسلام الدين، لكن المناظرة اليوم حول منطلقات الدولة الدينية وبين الإسلام الدين والإسلام الدولة رؤية واجتهاد، وأن الإسلام الدين في أعلى عليين، أما الإسلام الدولة فهو كيان سياسي وكيان اقتصادي وكيان اجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد أسلوب الحكم».

وخاطب الإخوان قائلاً: «إذا كان التنظيم السري جزءاً من فصائلكم أم لا، تدينونه اليوم أم لا؟ هل مقتل النقراشي والخازندار بدايات لحل إسلامي صحيح؟ أو أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذي يرفض أن يُقتل مسلم ظلماً وزوراً وبهتاناً لمجرد خلاف».

وهو ما دفع مأمون الهضيبي، للقول: «إن الإخوان يتقربون إلى الله بأعمال التنظيم الخاص (كيان مسلح)، وإنه لا يوجد لدى الجماعة برنامج تفصيلي».

وشعر حينها أنصار تيار الإسلام السياسي، أنهم عجزوا عن مواجهة فودة، بشيء من المنطق، خصوصاً في ما يتعلق بقضية دولة الإسلام، ومن ثم تحولت المناظرة لتحريض واضح وشحن علني لتكفيره، والطعن بأفكاره، وعقيدته وإيمانه،لم تهدأ أجواء الصراع بين الطرفين بعد المناظرة لكنها اشتعلت، إذ ظهر الشيخ محمد الغزالي عقبها في برنامج «ندوة للرأي»، وقال بوضوح: «إن من يدعو للعلمانية مرتد يستوجب أن يطبق عليه حد الردة»، موجهاً كلامه تجاه فرج فودة الذي ألّف كتاباً يدعو للمفاهيم العلمانية تحت مسمى «حوار حول العلمانية».

سبب فتوى قتل واغتيال فرج فودة

اعتبر البعض المناظرة الشهيرة بين فودة ونائب المرشد العام مأمون الهضيبي، كانت السبب الرئيسى في صدور فتوى قتل واغتيال فرج فودة، والتى ربط بين العمليات الإرهابية واستقلال بعض الإمارات الإسلامية في عهد السادات، وبين تغول التيار الدينى النابع من جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة تمكين الفكر الدينى لمحو ثقافة المجتمع المصرى.

تفاصيل عملية اغتيال فرج فودة

في 1يونيو 1992، قبل تنفيذ الاغتيال بـ5 أيام فقط، نشرت جريدة النور الموالية لتيارات الإسلام السياسي، فتوى رسمية لـ«جبهة علماء الأزهر»، ندوة علماء الأزهر وقتها، برئاسة الدكتور عبد الغفار عزيز، ونائبه الدكتور محمود مزروعة، تكفر فرج فودة تكفيراً صريحاً، بدعوى أنه مرتد، وتستوجب قتله.

وعقب بيان «جبهة علماء الأزهر»، تسابقت المرجعيات التكفيرية للجماعات المسلحة للتأكيد على فتوى تكفير فرج فودة ووجوب قتله، من فوق منابر المساجد، وفي مقدمهم الأب الروحي لـ«الجماعة الإسلامية» الشيخ عمر عبد الرحمن، وكذلك الداعية «الإخواني» وجدي غنيم.

وجاءت عملية الاغتيال بتكليف مباشر من صفوت عبدالغني (القيادي بالجناح المسلح للجماعة الإسلامية)، من داخل محبسه، والذي كان مسجوناً بتهمة اغتيال رئيس مجلس الشعب الدكتور رفعت المحجوب في أكتوبر 1990، ونقل محاميه للقتلة تكليفه بقتل فرج فودة.

في يوم الاثنين 8 يونيو 1992 تحرك عبد الشافي رمضان (26 عاماً)، وأشرف السعيد (29 عاماً)، بتكليف من محامي صفوت عبد الغني، واستقلا دراجة نارية، بمشاركة أبو العلا عبد ربه، المسؤول عن توفير الأسلحة والذخائر، (قتل في سوريا عام 2017)، وذلك بعدما استفتوا الدكتور محمود مزروعة وجهاً لوجه في استحلال قتل فودة.

وفي السادسة من مساء ذلك اليوم، خرج الدكتور فودة من مكتبه أمام «الجمعية المصرية للتنوير»، التي أسسها في مصر الجديدة، وفور مشاهدتهما له أمطراه بالرصاص، ما أسفر عن إصابته وابنه أحمد، وصديقه الدكتور وحيد رأفت زكي.

حملت سيارة الإسعاف الدكتور فودة إلى المستشفى، حيث قال وهو يحتضر: «يعلم الله أنني ما فعلت شيئاً إلا من أجل وطني»، وحاول جراح القلب الدكتور حمدي السيد (نقيب الأطباء الأسبق) إنقاذ حياته، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة بعد 6 ساعات.

بعد تنفيذ العملية أعلنت الجماعة الإسلامية مسؤوليتها عن اغتيال فودة تطبيقاً لفتوى علماء الأزهر، وأحيل المتهمون إلى المحاكمة الجنائية، وخلال جلسات محاكمتهم التي بلغت 34 جلسة، استمعت فيها المحكمة إلى أقوال 30 شاهداً، أشار المتهم الأول، إلى أن سبب اغتياله للدكتور فودة، أنه «كافر»، وبسؤاله: «من أي من كتبه عرفت أنه كافر؟»، كانت المفاجأة أن المتهم لم يقرأ أي كتاب لفودة، مؤكداً: «أنا لا أقرأ ولا أكتب».

فرج فودة:طه حسين أعظم رمز تنويري

ويرى فرج فودة في طه حسين أعظم رمز تنويري ولو أنه كان من الممكن أن يخطو خطوات أوسع مما خطاها لكن يبدو وأن مد المعارضة الذي واجه أفكار صدقه ، وقد انكسر بعد كتابه «الشعر الجاهلي» وبدأ شاحباً لكنه كان واضحاً في بعض مقالاته وفي كتابه «الفتنة الكبرى»، ورغم ذلك ظلت وستظل أصداؤه التنويرية والمتناثرة عبر كتبه ومقالاته ومواقفه الشجاعة مؤثرة، وعند وضع طه حسين في الميزان مع غيره فأنه نموذج عبقري شجاع وأحد قلائل قادة حركة التوير في العالم العربي.

ميلاد فرج فودة

فرج فودة، كاتب ومفكر مصري، ولد في مدينة الزرقا بمحافظة دمياط، في20 أغسطس 1945، التحق فرج فودة في الستينيات بكلية الزراعة وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد الزراعي في يونيو 1967 من جامعة عين شمس، وفي الشهر نفسه، استشهد شقيقه الملازم محيي الدين فودة - والذي كان يصغره بعام واحد - في حرب 5 يونيو 1967، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من تخرجه من الكلية الحربية، ولم يتم العثور على جثمانه، وشارك فرج فودة في مظاهرات الطلبة الغاضبة عام 1968 واعتقل لعدة أيام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

شارك في تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه وذلك لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب المصري العام 1984، ثم حاول تأسيس حزب باسم «حزب المستقبل» وكان ينتظر الموافقة من لجنة شؤون الأحزاب التابعة لمجلس الشوري المصري، أسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها.