استقال مارك سميث، أحد كبار مسئولي مكافحة الإرهاب في السفارة البريطانية في دبلن، من منصبه بسبب رفض الحكومة البريطانية وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
تأتي استقالة “سميث”، بعد شكاوى داخلية عديدة حول تواطؤ المملكة المتحدة في انتهاكات إسرائيل المزعومة للقانون الإنساني الدولي خلال عملياتها العسكرية في غزة.
ويسلط قرار سميث بالاستقالة الضوء على الإحباط العميق إزاء السياسة الخارجية للمملكة المتحدة، وخاصة في علاقتها مع إسرائيل.
في رسالة استقالته الإلكترونية، قدم سميث تقييما صارخا للوضع في غزة، واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب "واضحة لا تقبل الجدل".
واستشهد بأمثلة مثل تدمير أكثر من نصف منازل غزة و80% من ممتلكاتها التجارية، واستهداف البنية التحتية المدنية، والهجمات على سيارات الإسعاف والمدارس والمستشفيات.
وتتوافق هذه الاتهامات مع المخاوف الأوسع التي أثارها المراقبون الدوليون، بما في ذلك الأمم المتحدة، التي وثقت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين والدمار في غزة.
وأشادت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، بقرار سميث بالاستقالة، ووصفته بأنه عمل شجاع تأمل أن يلهم الدبلوماسيين الآخرين ليحذوا حذوه.
ظلت حكومة المملكة المتحدة ثابتة في موقفها، وواصلت مبيعات الأسلحة لإسرائيل على الرغم من هذه الادعاءات الخطيرة. ورفض مكتب الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) التعليق على قضية سميث المحددة، لكنه أكد مجددًا التزام المملكة المتحدة بدعم القانون الدولي.
تعهدت حكومة حزب العمال، التي تتعرض لضغوط متزايدة لإعادة تقييم سياسة مبيعات الأسلحة، بمراجعة الوضع.
ومع ذلك، أشار وزير الخارجية ديفيد لامي إلى أنه في حين قد يتم إعادة النظر في بيع الأسلحة الهجومية، إلا أن مبيعات الأسلحة الدفاعية يمكن أن تستمر، مما يؤكد مدى تعقيد العملية القضائية المعنية.
وتأتي استقالة سميث والجدل الذي أعقبها في وقت تواجه فيه المملكة المتحدة مراجعة قضائية بشأن سياستها المتعلقة بمبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.
وستفحص المراجعة ما إذا كانت وزارة الخارجية قد تصرفت بشكل غير لائق من خلال الاستمرار في السماح بمبيعات الأسلحة على الرغم من مزاعم ارتكاب جرائم حرب. يجادل النقاد بأن نظام ترخيص تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة، والذي غالبًا ما يوصف بأنه أحد أكثر الأنظمة "قوة وشفافية" في العالم، ربما يفشل في الوفاء بالتزاماته الأخلاقية والقانونية.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، استشهد ما لا يقل عن 40,074 فلسطينيا منذ بدء الحرب، على الرغم من أن هذا الرقم يشمل المقاتلين والمدنيين على حد سواء. وتدعي إسرائيل أنها قتلت أكثر من 17.000 من مقاتلي حماس، رغم أنها لم تقدم أدلة تثبت هذه الأرقام.
وقد علق خبراء في القانون الدولي والحد من الأسلحة على موقف المملكة المتحدة، حيث أعرب الكثيرون عن قلقهم بشأن التداعيات الأخلاقية لاستمرار مبيعات الأسلحة لإسرائيل. إن دور المملكة المتحدة كمورد أسلحة مهم لإسرائيل، حتى لو كان صغير الحجم نسبيًا، يحمل ثقلًا سياسيًا وأخلاقيًا كبيرًا. أدت المراجعة القضائية واستقالة سميث إلى تجدد الاهتمام بسياسات تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة وقضية المساءلة الأوسع في تجارة الأسلحة الدولية.
وعلق ريتشارد فولك، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، قائلاً إن استقالة سميث هي عمل مهم من أعمال الضمير يسلط الضوء على المعضلات الأخلاقية التي يواجهها المسؤولون داخل الحكومات المتحالفة مع إسرائيل.
وقال فالك إن المجتمع الدولي، بما في ذلك المملكة المتحدة، يجب أن يعيد تقييم تواطؤه في الصراعات التي تنتشر فيها مزاعم جرائم الحرب.