تتكشف أزمة حرائق الغابات الشديدة في جمهورية توفا الروسية، الواقعة في جنوب سيبيريا، حيث تم إجلاء ما يقرب من 500 تلميذ من المخيمات الصيفية مع اندلاع الحرائق في جميع أنحاء المنطقة.
ووفقا لرويترز، تصاعد الوضع إلى درجة أعلنت فيها السلطات الروسية حالة الطوارئ، مما يسلط الضوء على تزايد وتيرة وشدة حرائق الغابات في مناطق الغابات الشاسعة في روسيا.
تكافح منطقة توفا، المعروفة بغاباتها الكثيفة ومناظرها الطبيعية النائية، حاليًا 31 حريقًا اجتاح حوالي 2850 هكتارًا من الأراضي. وانتشرت الحرائق، الناجمة عن مزيج من الحرارة الشديدة والرياح القوية والعواصف الرعدية الجافة، بسرعة، مما يهدد المناطق المأهولة بالسكان وأجبر السلطات على اتخاذ تدابير صارمة لحماية الأرواح والممتلكات.
كان قرار إخلاء ما يقرب من 500 طفل من المخيمات الصيفية بمثابة إجراء احترازي ضروري مع اقتراب الحرائق من المناطق المأهولة. وقد تم نقل الأطفال بأمان إلى العاصمة الإقليمية كيزيل، حيث يتم إيواؤهم حتى يستقر الوضع. ويسلط هذا الإخلاء واسع النطاق الضوء على خطورة الأزمة والتهديد المباشر الذي تشكله النيران المتصاعدة.
استجابة لحرائق الغابات، تم نشر أكثر من 460 من أفراد الطوارئ لمكافحة النيران. ويعمل رجال الإطفاء وموظفو الدعم في ظل ظروف صعبة، ولا يواجهون شدة الحرائق فحسب، بل يواجهون أيضًا التضاريس الصعبة في جنوب سيبيريا. وقد أدى مزيج الظروف الجوية القاسية - وخاصة العواصف الرعدية الجافة التي أشعلت حرائق جديدة - إلى تعقيد جهود مكافحة الحرائق، مما يجعل من الصعب احتواء انتشار الحرائق.
يسمح إعلان حالة الطوارئ للحكومة الإقليمية بتعبئة موارد إضافية وتنسيق استجابة أكثر قوة للأزمة. ومع ذلك، فإن المساحة الشاسعة المتضررة ومحدودية إمكانية الوصول إلى بعض الغابات المحترقة تشكل تحديات كبيرة لهذه الجهود.
حرائق الغابات في توفا هي جزء من نمط أوسع من نشاط حرائق الغابات المتزايد في جميع أنحاء سيبيريا، وهي المنطقة التي شهدت درجات حرارة قياسية وفترات جفاف طويلة في السنوات الأخيرة. ويحذر خبراء المناخ من أن هذه الظروف من المرجح أن تصبح أكثر شيوعًا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يؤدي إلى حرائق غابات أكثر تكرارًا وشدة في روسيا وأجزاء أخرى من العالم.
الآثار البيئية والاقتصادية لهذه الحرائق عميقة. تتعرض غابات سيبيريا، التي تعد من بين أكبر مصارف الكربون في العالم، لأضرار بالغة، مما يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وهذا لا يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ فحسب، بل يهدد أيضًا التنوع البيولوجي في المنطقة، حيث أن عددًا لا يحصى من الأنواع النباتية والحيوانية معرضة للخطر بسبب الحرائق.
لطالما حذر علماء المناخ وخبراء البيئة من تزايد تعرض سيبيريا لحرائق الغابات. ويشير الدكتور إيفان بيتروف، عالم المناخ في الأكاديمية الروسية للعلوم، إلى أن "الجمع بين ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار والأنشطة البشرية مثل قطع الأشجار وتطهير الأراضي قد خلق عاصفة مثالية لحرائق الغابات في سيبيريا". ويؤكد أن الوضع في توفا هو تذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات عالمية لمعالجة تغير المناخ وعواقبه.