التهديد الإيراني بشن ضربة انتقامية على إسرائيل بسبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية جذب القوى العالمية الكبرى إلى عملية دبلوماسية دقيقة نهاية الأسبوع الماضي.
يعزز وقف أو تقييد الضربة الإيرانية في نظر البعض جهودًا مستمرة منذ أشهر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
أما الفشل في التوصل إلي صفقة قد يؤدي إلى شن إيران هجوم معقد بالطائرات المسيرة والصواريخ بالتعاون مع حزب الله في لبنان، الغاضبة هي الأخرى من اغتيال أحد كبار قادتها على يد إسرائيل، مما سيضغط على قدرة دفاعات إسرائيل الصاروخية وحلفائها في التصدي للهجوم. وقد تؤدي الخسائر الكبيرة إلى دفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتشددة إلى شن هجوم مباشر على إيران، مما قد يجر الشرق الأوسط بأسره إلى حرب إقليمية.
لكن علي ما يبدو أن طهران تسمح للوسطاء ببعض الوقت لمتابعة محادثات وقف إطلاق النار. ومن المتوقع أن تؤجل إيران الانتقام المخطط ضد إسرائيل، لإعطاء الوسطاء فرصة لدفع المحادثات الرامية لإنهاء الحرب علي غزة، بحسب ما ذكره مسؤولون أمريكيون وإيرانيون وإسرائيليون لصحيفة نيويورك تايمز الجمعة الماضية.
وتعتقد إسرائيل الآن أن الرد الذي تقوده إيران، والذي يبدو أنه تأخر عدة مرات بالفعل، سيحدث في وقت لاحق. ومن المعروف أن إيران وحزب الله يقيمون الوضع باستمرار.
ومن المتوقع أن يقوم حزب الله بالانتقام قبل إيران بحسب التقديرات الإسرائيلية ردًا علي اغتيال فؤاد شكر في غارة جوية جنوب بيروت في 30 يوليو الماضي.
من جانب إيران، تردد في الأوساط السياسية أن الرئيس مسعود بزشكيان يحاول إقناع القيادة والمرشد علي خامنئي أن الاحجام عن الرد قد ينفع الموقف الإيراني علي الصعيد الدولي، في إشارة إلي محاولة لعودة المياة إلي مجاريها مع الدولة الغربية والولايات المتحدة.
بتحليل هذه التقارير العديدة، يمكننا القول أن مرور الوقت دون رد من جانب إيران يعزز الاعتقاد أن الانتقام الإيراني سيكون مقنن ومحكوم. بل هذا التريث يعطي لطهران الفرصة لاظهار نفسها كدولة "عاقلة وراشدة" تعي ما تفعل ومتي ترد وكيف تثأر.
في نفس الوقت، يجب الاقتناع أن إسرائيل بقيادة المتهور بنيامين نتنياهو لا يريد هدوء واستقرار في المنطقة لأن الاستقرار يعني إعادة التقييم لأداءه داخليا مما يؤدي إلي نهايته سياسيًا. لذا، مع احجام طهران عن الرد الانتقامي، ربما يسعي نتنياهو إلي استفزاز إيران أكثر فأكثر لجرها إلي حرب شاملة وإشعال المنطقة ككل. بدوره، لن يتردد حزب الله عن الدخول في هذا الصراع الشامل.
منذ ساعات قليلة، نشر حزب الله فيديو دعائي يظهر منشأة تحت الأرض، على ما يبدو في لبنان، تستخدم لتخزين وإطلاق صواريخ دقيقة. وتشير الجماعة اللبنانية إلى أن المنشأة تدعى "عماد 4". الفيديو يظهر صواريخ داخل المنشأة تحت الأرض ومواقع إطلاق لهذه الصواريخ. وفي خلفية الفيديو، يسمع صوت حسن نصرالله وهو يتفاخر بقدرات التنظيم الصاروخية.
وصفت وسائل الإعلام الموقع بأنه "منشأة تحت الأرض متطورة وشبكة أنفاق واسعة مجهزة بمنصات لإطلاق الصواريخ".وتظهر الأنفاق واسعة لدرجة تسمح بمرور الشاحنات والمركبات بداخلها. كما توجد أبواب مقاومة للانفجارات.
وتأتي أهمية هذا الفيديو من توقيت نشره التي جاءت في سياق تهديداته بزيادة الهجمات على إسرائيل. قد أطلق الحزب بالفعل 7,500 صاروخًا و200 هجوم بطائرات بدون طيار على إسرائيل منذ أكتوبر 2023. وكأن الفيديو يقول أن حزب الله لم يكشف بعد عن جزء من قدراته.
ومع ذلك، يلعب حزب الله بأوراقه بحذر شديد. فهو يكشف عن قدراته ببطء ولا يظهر سوى جزء مما يمتلكه. هذه هي نقطة الفيديو؛ إنها بمثابة إنذار لإسرائيل.
والرسالة الأكيدة من الفيديو أن حزب الله يوضح لإسرائيل أن هذه القدرات مجرد قمة جبل الجليد.. ومع هذا كله، يبقي الاعتقاد السائد أنمن لم يثأر لقاسم سليماني لن يثأر لإسماعيل هنية!