تزامنا مع حدة وتيرة الحرب الدائرة في السودان، بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي اندلعت في 15 أبريل من العام الماضي، وتسببت في مأساة إنسانية ألقت بظلالها على البشر والحجر في السودان، تسعى الدولة السودانية للبحث عن مخرج من تلك الأزمة بعدما كبدت الاقتصاد السوداني خسائر فادحة.
ومنذ اندلاع الحرب شهد السودان تدهوراً في مستويات التنمية، وضعفاً في القدرات الإنمائية، ونقصاً في الموارد المحلية، واختلالاً حاداً في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد، وتراجعاً في معدلات الاستثمار، وهروباً لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، الأمر الذي ترتب عليه توقف العملية التنموية وزيادة الاعتماد على الواردات.
وبسبب تلك العوامل شهدت السودان اختلال الموازنة العامة للدولة بالنقص الكبير في الإيرادات وزيادة حجم الانفاق العام مما أدى الى ارتفاع عجز الموازنة، وحدوث اختلال كبير في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، والذي تزامن مع العديد من الاختلالات الهيكلية في إدارة الدولة وضعف الحوكمة.
مؤتمر اقتصادي لمواجهة تداعيات الحرب
وللخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها السودان، تعكف الدولة السودانية على عقد "المؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تداعيات الحرب" والمقرر إقامته في ولاية مدينة بورتسودان، في شهر سبتمبر القادم، في محاولة جادة لإعادة بناء مؤسساته وبنيته التحتية، والسعي لوضع خطط للتعافي الاقتصادي لمقابلة هذه الظروف الاستثنائية.
وفي محاولة للوقوف على أهمية المؤتمر الاقتصادي في ظل استمرار الحرب الدائرة في السودان، أكد د. عادل عبدالعزيز الفكي، عضو اللجنة العليا للمؤتمر الاقتصادي السوداني، أن الوضع الاقتصادي في السودان يتطلب اجراء نقاشات وحوارات علمية اقتصادية من قبل المتخصصين والمهتمين للخروج بمقترحات وحلول عملية تعالج كافة القضايا الراهنة مع تقديم رؤية حول مستقبل أفضل للاقتصاد السوداني، وتعزيز دور الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص وفق أسس علمية تأخذ في الاعتبار تجربة الماضي، وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل.
وأوضح "الفكي" أن المؤتمر يستهدف تشخيص الاقتصاد، وتحليل كافة المشكلات الناجمة عن آثار الحرب، وطرح المعالجات المناسبة، مع التركيز على جوانب التنمية كمدخل للتعافي الاقتصادي، من خلال دعوة لجمع أفكار وآراء الخبراء من داخل السودان وخارجه، والعمل على الاستفادة من هذه الآراء والخبرات بغرض الوصول للأهداف التي يسعى المؤتمر لتحقيقها.
رؤية عاجلة لوضع حلول عاجلة للاقتصاد السوداني
وحول أهداف المؤتمر وما يسعى إليه أكد رئيس اللجنة العليا للمؤتمر، أنه يسعى لتحليل وتشخيص الوضع الاقتصادي الراهن الناتج عن تداعيات الحرب المستمرة، وتقويم السياسات الكلية في السودان ووضع رؤية وحلول عملية تساعد على وقف التدهور الاقتصادي وتحسين أداء الاقتصاد على مرحلتين عاجلة ومتوسطة، وكذلك بحث الدور المتوقع للعلاقات الاقتصادية الخارجية في تخفيف الآثار السالبة للحرب واستعادة النمو، وتفعيل دور الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص في إطار التنويع وتحريك عجلة الاقتصاد واستدامة النمو.
ووفقا لخطة وزارة المالية السودانية الجهة المنظمة للمؤتمر فإن المؤتمر الاقتصادي السوداني يسعى من خلال لتحقيق أهداف على المدى الزمني القصير خلال 2024-2025 من خلال تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية للناتج المحلي الإجمالي، و التضخم، وسعر الصرف وتقليل عجز الموازنة، و خفض عجز الميزان التجاري، وكذلك تحسين المؤشرات المصرفية الكلية، وزيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، تحديد وحصر الاحتياجات الأساسية الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والسلع الاستراتيجية الرئيسية.
من جانبه أشاد د. عباس على السيد أمين عام اتحاد الغرف الصناعية السودانية، بفكرة تنظيم مؤتمر اقتصادي يجمع الخبراء والأكاديمين والتنفيذيين ورجال الأعمال خاصة من اصحاب الشركات الكبرى لبحث قضايا الاقتصاد السوداني، لافتا إلى أن المشكلة الكبرى التي تعانيها السودان منذ سنوات هى أن تقرير السياسات الاستراتيجية متروك للتنفيذيين وهو خطأ كبير إلا أن السودان كانت دائما تقع فيه لذلك فإن جميع المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية التي نظمت من قبل لم تؤتي ثمارها وانتهت بأنها مجرد كلام على ورق محفوظ في الأدراج.
وركز "السيد" على أن الاقتصاد في دوله السودان يقوم على خمسه محاور أساسيه وهي القطاع الزراعي والقطاع الصناعي والتعدين والمشروعات الصغيره والمتوسطه وقطاع النقل والاتصالات، ويمثل هذه القطاعات اتحاد عام اصحاب العمل السوداني لذلك لابد من مشاركة هذا الاتحاد مع الحكومه السودانيه مع الاكاديميين والتنفيذيين في هذا المؤتمر تحت زعامه وقياده أساسيه تستطيع أن تنفذ ما يقره المؤتمر وما يسفر عنه من نتائج، مشددا على أنه يقصد الزعامة للمؤتمر أن يكون المؤتمر برعاية ورئاسة أعلى قيادة في الدولة السودانية خاصة وأن المؤتمر يتناول قضية الاقتصاد السوداني أحد أهم القضايا.
وحول أهم القطاعات الاقتصادية التي يمكن البدء في تطويرها والنهوض بها كبداية للنهوض بالاقتصاد السوداني، شدد على أن لابد أن تكون البداية بمعالجه الاقتصاد الزراعي لانه سريع النمو ويتحرك في العام مرتين على الاقل ويعتمد على أنواع مختلفه ومن خلال تطوير الموارد الموجودة في السودان محليا مؤهله للنهوض بالمجال الزراعي وتستطيع توفير الغذاء والكساء وهي الأساسيات التي تتطلبها وتحتاجها أي دوله في العالم وتستطيع النهوض بالاقتصاد السوداني في الوقت الراهن.